قالت:
في إحدى المرات ذهبت للمستشفى , وأثناء انتظار الطبيبة , رأيت فتاة ترتدي الحجاب الشرعي الكامل ماشاء الله , منتظرة حضور طبيبة العظام , ومن حولها أهلها كل دقائق يميل أحدهم ليطمئن عليها ؛ فنظرتهم بها قلق , بينما هي لاحظت عليها ثبات رغم أني شعرت أنها تتألم , يتضح ذلك من حركتها , وبيدها مصحف .. ظننت أنها تحاول أن تتصبر عن ألمها بقراءة القرآن , أو تقرأ بنية الشفاء ,
ولكني فوجئت بأمر عجيب ...
إنها تحفظ لا تقرأ فلقد كنت أسمعها تردد الآيات لتحفظها , وفوجئت بها تقول لي " ممكن حضرتك تسمعي لي ما حفظته ؟ " , فقلت لها " بكل سرور أخيتي ... تفضلي " ؛
وفعلا سمعت , وكان حفظها جيد جدا .
كان الجميع من حولها في اضطراب ؛ لأن قدمها تنتفخ بشكل سريع ومخيف , والكل مشغول عليها , لكنها ظلت تحفظ وتحفظ , وأنا أتابعها , وكانت تتألم , فعندما أخذت لأسمع لها كان صوتها متهدج من شدة الألم , فأشفقت عليها وحاولت التخفيف عنها بتذكيرها بفضل المرض , وأنه سبب في تكفير الذنوب وأنه يكون سبب في رفعة العبد عند الله بالصبر عليه , ولكنها ماشاء الله قالت لي " نعم وسأكمل الحفظ " .
أخيرا حضرت الطبيبة , فكانت أول من دخل لأن حالتها من الواضح شديدة , وقمت معها أساندها مع أهلها , وعندما دخلت معها ومع أختها تفاجئت من هول ما رأيت ..
كانت قدمها واضح أنها بها شروخات متعددة , وجرح كبير , لدرجة أني رأيت لحم قدمها ؛ فكان منظرا صعبا , فنحن نعلم ألم العظام , فما بالنا بشروخات وجرح أيضا !
فتعجبت في نفسي وقلت : كيف كانت تركز وهي تحفظ , ومنا من إذا أصابه مجرد صداع قام عن الحفظ ؛ فما بالنا بها ؟!
والحمد لله تمت الإجراءات المطلوبة لها , ثم ودعتها ودعوت الله لها بالشفاء , وختم القرآن ؛ تركتها لكن صورتها لم تفارقني , وصوتها مازال يرن في أذني .. ودعتها وقد علمت أن الله يصطفي من عباده , من يحمل كتابه حتى وإن مرت به أحلك وأصعب اللحظات , لا يتخلى عنه ..
تركتها وقد علمت أن هناك من يتسلق جبال الهمة , ولا يرضى بدون القمة ..
تركتها وقد تجددت خلايا الإيمان بقلبي ؛ يا الله ما أعظم كلامك وأحلاه على القلوب الطاهرة , فلو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا