زاكم الله كل خير.
ما هي أسرار الصلاة؟
أنا لا أصلي! أعرف بأن الصلاة عظيمة، وهي صلة بين العبد والرب، ولكن لا أعرف ماذا يمنعني، هل الكسل، أم الشيطان، أم النفس؟
أرجوكم أغيثوني!
الاجابة
سم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنك قد ذكرت في سؤالك هذه العبارة: (لا أعرف ماذا يمنعني، هل الكسل أم الشيطان، أم النفس؟) والجواب: كلها جميعاً سبب في عدم إقامتك الصلاة.
لقد اجتمع عليك كيد الشيطان، وهوى النفس الأمارة بالسوء.
فالشيطان يريد أن يوقعك في الهلاك، وليس شيء أفضل عنده من ترك الصلاة .. أتدري لماذا؟ لأن من ترك الصلاة فقد انقطعت صلته بالله، وانقطع الحبل الذي يعتصم به بربه، وإذا انقطعت الصلة بالله فماذا سيحصل؟ ستكون إذن لا محالة عبداً للشيطان، أسيراً لهواك، وقد أطعته عن اختيار منك، بل وأنت تعلم أنك بذلك تغضب ربك وتعصيه، وترضي إبليس وتطيعه، فما هي النتيجة إذن؟! أن تكون قد استبدلت رضى الله برضى الشيطان، والقرب من الله بالقرب من عدو الله، فهل ترضى لنفسك هذا؟!
انتبه يا أخي!! إنك عبدٌ لله، تحت قهره وقدرته وسلطته، إنه قادرٌ على أن يطفئ بصرك -لو شاء- أو يشل أركانك وأعضاءك، إنه قادرٌ على خطف روحك من جسدك، فماذا بعد هذا؟ ما هي النتيجة وما هو المآل؟! أترضى أن تكون من الأشقياء الذين هم عند الله من الخاسرين، والذين جزاؤهم عذاب عظيم في ظلمة القبر ووحشته، وبعد ذلك:
((وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ))[فصلت:16].
لقد ثبت عن نبيك محمد –صلى الله عليه وآله وسلم– أن من نام عن الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها أن الله جل وعلا يعذبه في قبره بعد موته، بأن يسلط عليه ملكاً من ملائكة العذاب وبيده صخرة يضرب به رأس المتهاون في صلاته حتى يمزق رأسه ويحطمه تحطيماً، فكلما ضربه ضربةً عاد رأسه كما كان، فيعيد تهشيم رأسه بالحجر الذي في يده.
هذا في حق من يصلي ولكن يتكاسل في نومه عن الصلاة، فكيف بمن يترك الصلاة أصلاً ولا يصلي أبداً! قال تعالى: ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا))[مريم:59].
إنك بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن تكون من حزب الله، أو من حزب الشيطان الرجيم.
إنك بين أمرين اتنين: إما أن تكون من أصحاب الجنة أو من أصحاب السعير.
أنت في بلية عظيمة إذن.
فما هو طريق النجاة؟!
إنه التوبة، التوبة من إعراضك عن ربك الكريم الحليم، الرؤوف الحليم، إنك مُعرضٌ عن الخضوع له، ومعرض عن التذلل له، وقد فتح لك باب التوبة على مصراعيه: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ))[الزمر:53-56].
أنقذ نفسك من الضياع والهلاك، أنقذها من وحشة الصدر وضيق النفس، أنقذها من سواد الوجه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه: ((أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ))[الزمر:15].
جرِّب ولن تخسر أبداً، توضأ ثم صل ركعتين، وارفع يديك وقل: (اللهم اهدني وسددني، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني أتوب إليك من كل ذنب فاقبل توبتي، اللهم طهرني، اللهم إني تبت إليك إنك أنت التواب الرحيم) هذه فرصتك قبل أن تؤخذ روحك، وتخمد أنفاسك قبل فوات الأوان.
والله ولي الهداية والتوفيق.