احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عن الاسلام والمحاضرات والدروس والقران والتاسير والعلوم القرانية والحديث وشرح ومعناه وققص الصحابة والسلف والتابعين والصالحين والمرئيات والصوتيات والفتاوى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لماذا نصوم ؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 1410
تاريخ التسجيل : 07/05/2014

لماذا نصوم ؟ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا نصوم ؟   لماذا نصوم ؟ Emptyالخميس يوليو 10, 2014 3:22 am

أحبتي في الله لماذا نصوم ؟ هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في أول جمعة من شهر رمضان و حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا فسوف ينتظم جوابي على هذا السؤال المهم في العناصر و المحاور المحددة التالية:

أولاً: الصيام فرض و حقٌ لله على المؤمنين.

ثانياً: لعلكم تتقون.

ثالثاً: الصيام ينزل العبد منزلة الإحسان.

رابعاً: الصيام غذاء للروح و حياة للقلوب.

خامساً: الصيام مدرسة للتربية و التزكية للنفس.

سادساُ: الصيام يجدد في الأمة روح الأخوة و الألفة و الوحدة.

سابعاُ: الصيام مغفرة للذنوب.

ثامناً: الصيام سبب للفوز بالجنة و النجاة من النار.

تاسعاً: الصيام يجدد الإيمان في القلب.فأعيروني القلوب و الأسماع و أسأل الله أن يبارك لنا في وقتنا في هذه الساعة و في كل ساعة لأعرج سريعاً على هذه المحاور و العناصر و إلا فأنا أدع رزقكم للرزاق جل و علا.

أولاً: الصيام فرض و حقٌ لله على المؤمنين:

قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ}و جمهور المفسرين على أن لفظة (كتب) بمعنى فرض، فالله جل و علا فرض الصيام على من حققوا الإيمان بالله و برسول الله صلى الله عليه و سلم

و في الصحيحين من حديث بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: [ بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمداُ رسول الله، و إقام الصلاة، و إتاء الزكاة، و صوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ]،

و في صحيح مسلم من حديث أنس قال: كان يعجبنا أن يأتينا الرجل العاقل من البادية ليسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن نسمع بعد ما نهوا أن يسألوا رسول الله، [ كنا نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان يعجبنا أن يأتينا الرجل العاقل من البادية ليسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن نسمع فجاء رجل من الأعراب من البدو فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك]. لغة قاسية و لهجة بدوية شديدة لكن صاحب الخلق لا يغلظ القول و إنما يستقبل هذا القول الغليظ بصدره الرحم، فيقول الأعرابي [ يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك ] فرد صاحب الخلق عليه بخلق و قال له [ صدق ]، صدق رسولي، فقال له هذا الأعرابي [ يا محمد من الذي خلق السماء؟ قال: الله، قال الأعرابي: و من الذي خلق الأرض؟ قال المصطفى: الله، قال الأعرابي: و من الذي نصب الجبال و جعل فيها ما جعل؟ قال النبي: الله، فقال الأعرابي العجيب: فبالذي رفع السماء و خلق الأرض و نصب الجبال و جعل فيها ما جعل ءالله أرسلك؟ فقال النبي: نعم. قال: فبالذي، أسألك بالذي رفع السماء و خلق الأرض و نصب الجبال و جعل فيها ما جعل هل فرض الله علينا خمس صلوات في اليوم و الليلة؟ قال: نعم. قال: أسألك بالله الذي أرسلك هل فرض الله علينا صيام شهر أو صيام شهر رمضان؟ قال: نعم ... إلى آخر الحديث.

فالرسول صلى الله عليه و سلم يبين لنا في هذين الحديثين أن الله جل و علا قد فرض على من ءامن بالله و ءامن برسول الله صوم شهر رمضان، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } فالصيام فرض و حقٌ لله على كل من وحد الله و آمن بالحبيب رسول الله.

روى البخاري و مسلم من حديث معاذ رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه و سلم يوماً على حمار فقال النبي صلى الله عليه و سلم لمعاذ: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ و ما حق العباد على الله؟ قال معاذ: الله و رسوله أعلم، فقال النبي: حق الله على العباد أن يعبدوه، أن يعبدوه و لا يشركوا بالله شيئاً، و حق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئا. فقال معاذ بن جبل: أفلا أخبر الناس، أفلا أبشر الناس بها يا رسول الله؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا.

فأخبر بها معاذ بن جبل عند موته تأثما - أي خشية أن يقع في الإثم - لكتمانه العلم عن الصادق الذي لا ينطق عن الهوى. فالصوم من أسمة العبادات و العبادة حقٌ لله على عبيده الذين وحدوه و آمنوا بنبيه صلى الله عليه و سلم.



ثانياً: لعلكم تتقون:

لقد بين الله الغاية من الصوم فقال جل و علا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } التقوى ليس أمراً على هامش الحياة بل إن التقوى هي غاية الغايات فإذا كانت العبادة هي الغاية التي من أجلها خلق الله السماوات و الأرض و الجنة و النار بل و خلق الله من أجلها الخلق جميعاً، قال سبحانه{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }

فإذا كانت العبادة هي الغاية من الخلق فإن التقوى هي الغاية من العبادة، قال جل و علا { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } إذا فالعبادة هي الغاية من خلق الخلق و التقوى هي الغاية من كل ألوان العبادات.

فما هي التقوى؟ التقوى أيها الأفاضل هي الاسم من اتقى و المصدر الإتقاء و كلاهما مأخوذ من مادة وقى فالوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه و يضره فأصل التقوى أن يجعل العبد و بين غضب الله و سخط الله و عذاب الله وقاية تحفظه و تمنعه، هذه الوقاية هي فعل الطاعات و اجتناب المعاصي، هي امتثال الأمر و اجتناب النهي، هذه حقيقة التقوى

لذا سأل سائل أبا هريرة رضي الله عنه و قال: يا أبا هريرة ما التقوى؟ فقال أبو هريرة رضي الله عنه للسائل: هل مشيت على طريق فيه شوك؟ قال: نعم، قال أبو هريرة: فماذا فعلت؟ قال السائل: كنت إذا رأيت الشوك اتقيته - أي ابتعدت عنه -، فقال أبو هريرة: ذاك التقوى.

فأخذ بن المعتز هذا الجواب البليغ و صاغه صياغة أدبية معبرة فقال:

خلي الذنوب صغيرها و كبيرها فهو التُقى

و اصنع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.

و عرف التقوى ابن حبيب فقال رحمه الله: التقوى هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله و أن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.



و التقوى هي وصية الله لكل الخلق من لدن آدم إلى أن يرث الأرض و من عليها فقال جل و علا { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ }



و التقوى هي وصية الحبيب المحبوب صلى الله عليه و سلم لجميع أمته ففي الحديث الذي رواه الترمذي و أبو داوود و غيرهما بسند صحيح من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعضة بليغة وجلت منها القلوب و ذرفت منها العيون فقلنا كأنها موعظة مودع فأوصنا يا رسول الله، فقال - صلى الله عليه و سلم - : أوصيكم بتقوى الله، أوصيكم بتقوى الله - أي بامتثال الأمر و اجتناب النهي أي بفعل الطاعات و اجتناب المعاصي -

و لما أخذ النبي حبيبه معاذ بن جبل، نعم فمعاذ حبيب رسول الله بل أقسم النبي صلى الله عليه و سلم و هو الصادق الذي لا يحتاج إلى أن يقسم أقسم لمعاذ أنه يحبه، أخذ بيده يوماً و قال: يا معاذ والله إني لأحبك. يا لها من كرامة، انتبه فالذي يقسم هو الصادق فليس القسم من معاذ، يعني ليس القول من معاذ ( يا رسول الله والله إني لأحبك ) و إنما رسول الله هو الذي يقول لمعاذ: يا معاذ والله إني لأحبك، قال: بأبي أنت و أمي يا رسول الله و والله إني لأحبك. قدمت بهذا لتعلم أنها وصية محب لحبيبه ففي سنن الترمذي و غيرها بسند حسن أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال: يا معاذ اتقِ الله حيثما كنت، اتقِ الله حيثما كنت و أتبع السيئة الحسنة تمحها و خالق الناس بخلق حسن. و في مسند أحمد بسند حسن أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال للحبيب النبي صلى الله عليه و سلم: أوصني يا رسول الله، فقال رسول الله: أوصيك بتقوى الله فإنها رأس كل شيء، و في لفظ: عليك بتقوى الله فإنها رأس كل خير.

و أوصى بها سلفنا الصالح بعضهم البعض أصى بها الصديق عمر بن الخطاب. و أوصى بها عمر بن الخطاب ولده عبد الله و قال: يا بني أوصيك بتقوى الله فإنه من اتقاه وقاه و من أقرضه جزاه و من شكره زاده فاجعل التقوى نصب عينيك و جلاء قلبك.



و أوصى بها عمر بن عبد العزيز أحد إخوانه فقال له: أوصيك بتقوى الله التي لا يقبل غيرها و لا يرحم إلا أهلها و لا يثيب إلا عليها فإن العاملين بها قليل و إن الواعظين بها كثير جعلنا الله و إياكَ من المتقين. و أنا أسأل الله أن يجعلنا من الواعظين بها العاملين بها إنه ولي ذلك ومولاه.



و أوصى ابن السماك ذلكم العالم السائل أحد إخوانه فقال له: أوصيك بتقوى الله الذي هو نجيك في سريرتك و رقيبك في علانيتك فاجعل الله من بالك على كل حالك في ليلك و نهارك، اجعل الله من بالك على كل حالك في ليلك و نهارك و خف من الله بقدر قربه منك و قدرته عليك و اعلم أنك بعينه لا تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره و لا من ملكه إلى ملك غيره فليكثر منه وجلك فليعظم منه حذرك و ليكثر منه وجلك.



فالتقوى أيها الأفاضل هي غاية الغايات ما فرض الله علينا الصيام شهرنا كاملاً إلا لنخرج من هذه المدرسة الرمضانية المباركة إلا لنخرج منها بتقوى الله جل و علا.



ثالثا: الصيام ينزل العبد منزل الإحسان:

ما الإحسان؟ قال رسول الله في جوابه على جبريل في الحديث الطويل الذي رواه مسلم و غيره من حديث عمر بن الخطاب و فيه سأل جبيرل نبينا الجليل عن الإسلام و الإيمان و الإحسان، فقال جبريل: ما الإحسان؟ قال الحبيب: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

أيها الحبيب

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت و لكن قل علي رقيب

و لا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تُخفي عليه يغيب.

فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فاعلم يقيناً أنه يراك، قال جل و علا { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا }

إلا و الله جل و علا معهم في أي مكان كانوا معهم بعلمه، معهم في أي مكان كانوا بعلمه بسمعه ببصره بقدرته بإرادته لا ييغب عنه شيء.

أمسك أعرابي بامرأة في الصحراء و أراد أن يفعل بها الفاحشة فقالت له الأعرابية المؤمنة انطلق اطمئن هل يرانا أحدٌ من الناس؟ انظر هل نام الناس في الخيام؟ فانطلق الأعرابي هائماً على وجهه ثم عاد إليها مسرعاً و قال: أبشري لقد نام الناس جميعاً لا يرانا أحد ثم قال مداعباً لا يرانا إلا الكواكب، فردت عليه المؤمنة التقية و قالت: و أين مكوكبها؟أين الله.

فالصيام لا سلطان و لا رقيب على الصائم فيه إلا المراقبة إلا الضمير، الصائم إن أفطر لا يعد صائماً أما إن صام صوماً صادقاً فقد نزل منزل الإحسان إذ لا رقيب عليه بعد ضميره و نفسه إلا الله يربي الصوم في المؤمن مقام الإحسان، يربي الصوم المؤمن أن يراقب الله جل و علا تستطيع أن تخادع الناس و أن تظهر أمام الناس أنك صائم فإن عدت إلى بيتكِ أكلت و شربت و جامعت امرأتك بالنهار لكن الصائم الحق يمتنع عن الطعام و الشراب سواء كان أمام الناس أو بعيداً عن الناس إذ ضميره هو الذي يراقبه و خوفه من الله و يعلم أن الله عز و جل يسمعه و يراه فهو يمتنع عن شهوة البطن و عن شهوة الفرج مراقبة لله و هذا هو مقام الإحسان، فالصائم الممتنع عن جميع المفطرات مراقب لرب الأرض و السماوات محسنٌ عبد الله كأنه يراه فإن لم يكن الصائم يرى سيده و مولاه فهو ممتنع عن جميع المفطرات بعيداً عن الناس و أمام الناس لأنه على يقين مطلق أن سيده و مولاه يراه، فالصوم يرقي في العبد منزلة الإحسان .

لذا قال ربنا في الحديث القدسي الذي رواه البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله عن رب العزة [ كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به و الصيام جنة ] - أي وقاية جنة في الدنيا و جنة في الآخرة - جنة في الدنيا من الشهوات و الشبهات و الشياطين و النفس الأمارة بالسوء و المعاصي و الذنوب و جنة في الآخرة من النيران، أسال الله أن يحرمنا و إياكم على النيران، [ و الصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ] و الرفث هو الجماع أو الفحش من القول [ و لا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك و لصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه ] نسأل الله أن يفرحنا و أن يسعدنا يوم أن نلقاه فهذا هو الفرح الحقيقي قال جل و علا { قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }

و لله در القائل

أحزان قلبي لا تزول حتى أبشر بالقبول

و أرى كتابي باليمين و تقر عيني بالرسول



رابعاً: الصوم غذاء للأرواح و حياة للقلوب:

الإنسان بدن و روح نعطي البدن طوال العام كل ما يشتهيه من طعام و شراب إلى غير ذلك فشاء الله و قدر ليغذي أرواح المؤمنين و ليحيي قلوبهم أن يفرض علينا صيام هذا الشهر بكامله ليغذي بهذه العبادة أرواحنا و ليحيي بهذه العبادة العظيمة قلوبنا، فالبدن له غذاء و الروح و القلب له غذاء، الروح غذاؤها في عبادة خالقها { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } و القلب له حياة، لا يحى القلب أبداً إلا بحب سيده و مولاه، لا يذوق القلب طعم الأنس إلا مع الله،

هذا إن كان هذا القلب حياً لأن القلوب ثلاثة:

قلب سليم حي و قلب ميت و قلب مريض

أما القلب الميت - و أبدأ به - عافانا الله و إياكم منه فهو القلب الذي لا يعرف الله هو القلب الذي لا يعرف خالقه و لا سيده و لا مولاه قال الله حكاية عن اليهود { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي مغلفة في أغلفة الكفر أعاذنا الله

و القلب المريض قلب تمده مادتان مادة إيمان و مادة نفاق فهو في بيت الله يعرض قلبه لمواد الإيمان و بعد الإفطار يجلس أمام المسلسلات و البرامج الساقطة فيسلم قلبه و عقله لمواد أخرى فقلب تمده مادة إيمان و مادة نفاق مادة إيمان و مادة نفاق و هو - انتبه لأن صاحب القلب المريض على خطأ - قال و هو لما غلب عليه منهما فلو غلبت مواد الإيمان على قلبك صار قلبك مؤمناً انتقل إلى ناحية السليم أو القلب الحي و إذا غلبت مواد النفاق على قلبك صار قلبك ميتاً أعاذنا الله و إياكم من موت القلب



أما القلب الحي فهو القلب السليم هو القلب الذي امتلأ بحب الله و الخوف من الله هو القلب الذي أنار فيه نور التوحيد و أزهر فيه مصباح الإيمان و أشرقت عليه شمس الطاعة لله جل و علا، القلب السليم لا نجاة لكِ في الدنيا و الآخرة إلا به قال تعالى { يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }،

القلب السليم سلم من الشرك سلم من الشك سلم من الحسد سلم من الضغائن، قلب سليم لا يحمل في قلبه غلاً لأحد و لا حسداً على أحد و لا حقداً لأحد فضلاً عن أنه استنار بنور الإيمان و الإتباع للنبي صلى الله عليه و سلم، لا تستطيع البتة أن تحصل غذاء للروح و حياة للقلب كهذه العبادة العظيمة التي تكف فيها عن شهوة الفرج و عن شهوة البطن بل إن سابك أحد ذكرت نفسك بها ( إني صائم إني صائم )

بل إذا أرادت عينك أن تطير هنا أو هنالك لمعصية من المعاصي تتذكر هذه العبادة بل إذا جلست في مجلس غيبة أو مجلس نميمة أو أراد لسانك أن يسبقق بالكذب ذكرت نفسك بهذه العبادة فعبادة الصوم من أجل العبادات التي تغذي الأرواح و تحي القلوب من أجل ذلك أقول إن من أعظم صور رحمة الله بالموحدين أن فرض عليهم صيام رمضان لأن العبادة لا تنفع ربنا الطاعة لا تنفعه و لا تضره المعصية

( يا عبادي لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ) الله غني عن العالمين قال تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ }،



فما فرض الله علينا الصوم لنجوع أو لنعطش و إنما ليغذي بالصوم أرواحنا و ليحيي بالصوم قلوبنا و لو نظرت إلى الشرق و الغرب لوضعت رأسك في الطين شكراً لله أن خلقك موحداً و جعلك من أتباع سيد النبيين و فرض عليك العبادة بصفة عامة و صيام رمضان بصفة خاصى لأن العبادة تؤهلك للقرب من الله بل و تجعلك أهلاً لأن يحبك الله و من أنت ليحبك الله ليحبك ملك الملوك و جبار السماوات و الأرض،



روى البخاري و غيره من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و سلم قال: قال الله تعالى في الحديث القدس [ من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوفل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها و لئن سألني لأعطينه و لئن استعاذني لأعذينه ]



فيا من أعانك و وفقك الله لطاعته و شرح صدرك لعبادته اعلم بأن الله يحبك نعم اعلم بأن الله يحبك لأنه ما هيأك لعبادته إلا و هو يحبك ما قلابك منه إلا و هو يحبك ما قربك منه إلا و هو راضٍ عنك كما ذكرت الدليل في الحديث آنفاً فأهل الطاعة عزوا على الله فقربهم و أهل المعصية هانوا على الله فأبعدهم [ ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوفل حتى أحبه ]

فما تقربت إلى الله بطاعته و ما تقربت إلى الله بالنوافل إلا لأنه سبحانه و تعالى يحب أن يوقفك بين يديه جل و علا و يحب أن يقيمك بين يديه جل و علا، الله سبحانه لا يقرب إليه إلا من يحب لأنه يعطي الدنيا من أحب و من لا يحب لكنه لا يعطي الدين أبداً إلا لمن أحب قال رسول الله [ من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ] و قال جل في علاه{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.

خامساً: - بإيجاز شديد جداً - الصوم سبب لمغفرة الذنوب:اللهم اغفر ذنوبنا

أيها الحبيب هل صلى المصلون و زكى المزكون و حج الحاجون و خاف الخائفون و تململ بين يدي الله المتضرعون المتذللون إلا من أجل أن يغفر الله لهم الذنوب و إلا من أجل أن يستر الله عليهم العيوب و إلا من أجل أن يطهرهم الله للقائه سبحانه و تعالى



الصوم سبيلك و طريقك ليطهرك الله من كل الذنوب الماضية إلا الكبائر فالكبائر تحتاج إلى توبة، فالجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر فإن زللت في كبيرة - أعاذني الله و إياك من الصغائر و الكبائر - ما عليك إلا أن تجذب ثيابك من شوك المعاصي و أن تطهرها بدموع التوبة و أن تغشلها بدموع الأوبة أن تلجأ إلى الله و أن تطرح قلبك بين يديه بذل و انكسار و أنت على يقين مطلق بأنه سيفرح بتوبتك و هو الغني عنك و إن كانت توبتك من كبيرة من كبائر الذنوب { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }



ما عليك إلا أن تلجأ إليه و أن تحقق شروط التوبة ألا و هي الإقلاع عن الذنب و الندم فإن الندم هو ركن التوبة الأعظم و أن تجتهد في العمل الصالح في ليلك و نهارك فإذا شعرت أن الله عز و جل ينقلك من خير إلى خير و من طاعة إلى طاعة و أنت حالك بعد التوبة صار أفضل من حالك مرارا قبل التوبة فاعلم بأنها علامة قبول توبتك من الله جل و علا فمن أعظم علامات التوبة الصادقة المتقبلة أن يصير حالك بعد التوبة أعظم من حالك قبل التوبة أن تتقرب إلى الله بالطاعات و اجتناب المعاصي و كل ما ازددت قرباً بالطاعة و بعداً عن المعصية كلما كان ذلك من أعظم الأدلة على قبول الله لتوبتك - أسأل الله أن يتوب علينا لنتوب إليه -.

فالصيام طريقك لمغفرة الذنوب، نعم طريقك لمغفرة الذنوب، تتدبر قول النبي صلى الله عليه و سلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة ( من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )

يا لها من بشرى ( من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ماذا تريد بعد ذلك، من صام رمضان إيماناً بالله و احتساباً أي طلباً للأجر من الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه باستثناء الكبائر كما ذكرت الدليل الآن فالكبيرة تحتاج إلى توبة صادقة أما إن بلغ أمر كبيرتك ولي الأمر فواجب على ولي الأمر أن يقيم عليك حد الله - أسأل الله أن يرد الأمة إلى شريعته رداً جميلاً إنه ولي ذلك و مولاه -. نعم أيها الحبيب الصوم سبباً لمغفرة الذنوب.

سادساً: الصوم طريقك للجنة و النجاة من النار:

الصوم طريقك للجنة و النجاة من النار، اسمع ماذا قال نبيك المختار كما في الصحيحن من حديث أبي هريرة ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ) و في لفظ ( فتحت أبواب الرحمة ) و في لفظ ( فتحت أبواب السماء ) ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ) فالصيام في رمضان يُفتح الله أبواب الجنة كلها

في رواية الترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و سلم قال ( إذا كانت أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ) قيدت و سلسلت ( صفدت الشياطين و مردة الجن ) قد يسألني طالب علم و يقول تصفد الشياطين في رمضان؟ نعم، و نحن نرى المعاصي تملأ الشوارع و الطرقات؟ كيف ذلك؟

هذا من النفس الأمارة بالسوء قال تعالى { إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

( صفدت الشياطين و مردة الجن و غلقت أبواب الجحيم و غلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب و فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب و ينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله و لله و لله عتقاء من النار كل ليلة حتى ينقضي رمضان ).



فاحرص على أن تكون عتقاء الملك من النيران كل ليلة، و في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن الحبيب النبي صلى الله عليه و سلم قال - انتبه - ( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً )

أكرره لجلاله و جماله و الحديث في الصحيحين قال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى ( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً ). فالصيام طريقك إلى الجنة و طريقك للنجاة من النار

أخي انتبه الطعام في النار نار و الشراب في النار نار و الملابس في النار من النار من يقدر على ذلك طعام أهل النار زقوم و ضريع و غسلين هذا طعام أهل النار { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ } و طعامهم الزقوم { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ }، { وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا }،

فالشراب في النار كالمهل أي كالزيت الذي يغلي من شدة الحرارة و الملابس في النار { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } فاتق النار و لو بشق تمرة - أي و لو بنصف تمرة - و لو بكلمة طيبة و لو بركعة تحييها لله في ظلم الليل و لو بكلمة صادقة اتقي النار و لو بشق تمرة فالصوم طريقك إلى الجنة و طريقك للنجاة من النيران.

سابعاً: الصوم تزكية و تهذيب و تربية للنفس:

نعم النفس الأمارة تحتاج إلى أن يلجمها العاقل بلجام التقوى بلجام المراقبة و الخوف من الله، قد تزعجك النفس في أول الأمر لأن النفس كالطفل تماماً إن منعت الأم طفلها عن الثدي حين الفطام ملأ البيت صراخاً و ضجيجاً و في الليلة الثانية يقل صراخه و في الليلة الثالثة يقل و إن قدمت الأم لطفلها الثدي في الليلة الرابعة قال ( كخ ) و هذه اللفظة لفظة نبوية من كلام النبي صلى الله عليه و سلم يقول الطفل لأمه بعد ذلك ( كخ ) يرفض الثدي مع أنه ملأ البيت صراخاً على هذا الثدي الذي لا يريده الآن و يرفضه رفضاً كاملاً كذلك النفس كالطفل تماماً إن فطمتها عن المعصية انفطمت و إن ألجمتها بلجام التقى أُلجمت و إن ألهبتها بصوت الخوف من الله استقامت لك،

فالناس صنفان: صنف قهر نفسه و جعلها مطية له إلى كل خير له و طاعة - اللهم اجعلنا منهم -

و صنف قهرته نفسه و جعلته النفس نطية لها إلى كل شهوة و شبهة قال جل و علا { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}، قال جل و علا { فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }



فالنفس أمارة إن صمت حقاً عن الشهوات بكاملها و عن الشبها بكاملها و حققنا التقوى هذبت هذه النفس و ألهمتها بصوت الخوف من الله و ألجمتها بلجام التقوى و المراقبة لله فانقادت لك فإن فعلت معصية تلومك، لماذا فعلت كذا؟

لماذا جلست أمام فلم العصر و أنت صائم لله؟

لمَ لم تفتح كتاب الله؟

إن نظرت نظرة محرمة أنسيت أنك صائم؟

إن زل لسانك بكلمة غيبة اتقِ الله إنك صائم؟

إن تكلمت بكلمة نميمة اتقِ الله ما فائدة الصوم إذاً؟.

فتبدأ النفس تلومك على فعل الطاعة على فعل الطاعة و على فعل المعصية، تلومني على فعل الطاعة! نعم، لماذا؟ تلومني على فعل الطاعة لمَ لم أكثر منها.

هذا هو اليوم السادس من أيام رمضان أسألك هل أنهيت القرآن كله مرتين؟ هل قرأت القرآن كله مرتين؟ اصدق في الجواب.

فالصيام يكسر حدة الشهوة و يهذب النفس و يربي النفس على الصبر، على الصبر على الطاعة على الصبر عن المعاصي على الصبر على البلاء و المقدور الذي قدره الله، فالإنسان يحتاج إلى الصبر في كل مجالات الحياة فتأتي المدرسة الرمضانية العظيمة الجليلة المباركة لتربي و تنمي مكانة الصبر في القلب و لتهذب النفس و لتزكي النفس، حقاً و الله إن من أعظم صور رحمة الله على عباده أن فرض على الموحدين صيام رمضان، يا لها من حكم كثيرة عديدة.

ثامناً: الصوم ينمي في الأمة روح الأخوة و الألفة و الوحدة:

الأغنياء و الفقراء إن أذن المؤذن لصلاة الفجر أمسك الجميع عن الطعام و الشراب، و الأغنياء و الفقراء و الحكام و المحكومون إن أذن المؤذن لصلاة المغرب أقبل الجميع على الطعام و الشراب. وحدة، يأتي رمضان ليزكي هذه الصورة المشرقة في الأمة كل عام، ليزكي روح الوحدة في الأمة،

و أنا أقول دوماً رمضان يمنحنا الأمل في أن الواقع الذي تحياه الأمة من الممكن أن يتغير بل حتماً يتغير لأن رمضان يأتي فيغير في الأمة كثيراً من العادات المدخن الذي كان يحرص على التدخين طوال النهار يأتي رمضان فيمنعه عن التدخين بإذن الله و بأمر الله طوال رمضان فيغير الصيام في المدخن هذه العادة عشر ساعات أو يزيد،



يغير الصيام كثيرا من عاداتنا كثيراً من عادات الأمة، فالصيام مدرسة تربي في الأمة روح الأخوة و روح الألفة، الغني يسابق يسابق الريح المرسلة بإذن الله إن كان من الصادقين في البذل في الإنفاق في العطاء يسير على درب النبي

كما قال ابن عباس في صحيح البخاري [ كان رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة و كان أجود ما يكون في رمضان ]، ألا ترى معي أن الأغنياء من الفضلاء ممن منَّ الله عليهم يتسابقون في رمضان في إطعام الفقراء و المساكين و هذه صورة مشرقة، فرمضان يزكي في الأمة هذه الروح ( إنما المؤمنون إخوة )

يشعر الغني بالفقير و يدعة الفقير للغني مدرسة من أعظم المدارس و ما أحوج الأمة الآن إلى مدرسة رمضان إلى مدرسة الصيام لأن الأمة الآن مشرذمة مشتتة ممزقة و الله سبحانه و تعالى يجمعها على عبادة في وقت واحد في كل أنحاء الأرض إذ اتفق أهل الأرض في المطلع أو في الميقات - أي ميقات الصلاة أو ميقات الإمساك أو ميقات الإفطار - يجتمع كل أهل محلَ على الطعام و على الإمساك و على الصلوات في أوقات واحدة،



هذه عبادة تزكي في الأمة هذه الروح لكن لا ينبغي أن نفعلها بطريقة ميكانيكية لا نقف مع مغزاها و لا مع مراد الله سبحانه و تعالى منها. فالصيام من أعظم الأسباب التي تعيد للأمة وحدتها و تعيد للأمة ألفتها و تعيد للأمة أخوتها، قال سبحانه و تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }.

تاسعاً: الصيام يجدد الإيمان:

ألم تنتبه معي إلى أن الأمر في الصيام أصلاً للمؤمنين " { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } فإن دخلت على الصيام بالإيمان حصلت التقوى - لا تنساها بالله عليك - إن دخلت على الصيام بالإيمان و إن لم تدخل على الصيام بالإيمان لن تحصل تقوى فالإيمان هو أصل الأصول و الإيمان هو قول باللسان و تصديق بالجنان و عمل بالجوارح و الأركان يزيد بالطاعات و ينقص بالمعاصي و الزلات فيأتي الصيام ليجدد الإيمان في القلوب، فالإيمان يتجدد و يزيد كما قال ربنا { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ }



و كما قال نبينا في مستدرك الحاكم و غيره بسند حسن من حدث عبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه و سلم قال [ إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب - أي كما يبلى الثوب - فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ] فيأتي رمضان كل عام ليجدد الله به الإيمان في قلوبنا من صيام بالنهار و قيام بالليل و قراءة للقرآن و أذكار و استغفار و إنفاق على الفقراء و المحسنين و هكذا أيها الأحبة.



عاشراً: الصيام مدرسة تنمي في الأمة روح البذل و الإنفاق و العطاء.

فرمضان موسم الجود موسم الإحسان من فطر فيه صائماً كان له مثل أجر الصائم غير أنه لا ينقص من اجر الصائم شيء، طعامك الذي تُعده بلا مزيد يكفي أن تطعم منه كل يوم فقيراً صائماً،

روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ] و كان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان يعرض عليه القرآن، فرمضان شهر الجود شهر الإحسان شهر البر شهر النفقة أنفق و لا تخشى من ذي العرش إقلالا

[ أنفق أُنفق عليك ] رواه البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله عن رب العزة، يقول تعالى في الحديث القدسي [ يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك ] لو أنفقت تولى الإنفاق عليك من لا تنفد خزائنه [ يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك ] { لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ }

فاجتهد أن تفطر معك كل يوم صائما أو يزيد.

رمضان شهر الذكر و الاستغفار و التوبة و الحرص على الطاعة فإن هيأ الله لك الوقت من بعد العصر إلى المغرب لست منشغل بأمر من أمور الدنيا فيا حبذا لو قضيت هذا الوقت كله في بيت الله أو يا حبذا لو قضيت هذا الوقت كله مع زوجتك و أولادك و قد اجتمعتم حول كتاب الله، داوم على الذكر على أذكار الصباح و أذكار المساء و على الأذكار المطلقة فليكن لسانك رطباً على الدوام بذكر الله سبحانه و تعالى و أحذر نفسي و أخواني من تضييع الوقت أمام وسائل الإعلام فإذا جلست أمام التلفاز سحرك و مضت الساعة بعد الساعة بعد الساعة و انقضى ليلك بل و انقضى شهرك و أنت لا تدري فالمغبون من ضيع رمضان و المغبوط من وفر رمضان و استثمره في طاعة الرحيم الرحمان سبحانه و تعالى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://9078.forumarabia.com
 
لماذا نصوم ؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا نصوم ؟ خطبة هامة للمسلمين :: الشيخ محمد حسان
» لماذا الهموم ؟!!
» (( لماذا يا سماء ؟!؟ ))
» لماذا نحفظ القرآن ؟
» لماذا نخسر رمضان ؟!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام  :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: مواسم الطاعات :: الخيمة الرمضانية-
انتقل الى: