احرار الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عن الاسلام والمحاضرات والدروس والقران والتاسير والعلوم القرانية والحديث وشرح ومعناه وققص الصحابة والسلف والتابعين والصالحين والمرئيات والصوتيات والفتاوى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نواقض الاسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 1410
تاريخ التسجيل : 07/05/2014

نواقض الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: نواقض الاسلام    نواقض الاسلام  Emptyالإثنين مايو 12, 2014 3:51 pm

واقض الإسلام أكثر من عشرة نواقض لكن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: ذكر عشرة نواقض لأسباب منها: أن هذه النواقض مما اتفق العلماء على كونها نواقضًا للإسلام، ومنها: أن هذه النواقض الأكثر وقوعًا بين الناس، ومنها: أن هذه النواقض أشد النواقض خطرًا، ولذلك خصها الشيخ بالذكر والعناية كما ذكر في نهاية النواقض.

فائدة:
الكفر أعم من الشرك، لأن الكافر قد يكون جاحدًا للرب سبحانه وتعالى، لا يؤمن برب مثل فرعون والمعطلة والدهرية، وأما المشرك فإنه يؤمن بالرب ولكنه يشرك معه غيره فبين الكفر والشرك عموم وخصوص.

الناقض الأول:

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:"اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض.
الأول: الشرك في عبادة الله تعالى قال الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، وقال: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:72].ومنه الذبح لغير الله كمن يذبح للجن أو للقبر، وأشهرها الشرك في عبادة الله".

الشرح
المسألة الأولى: لابد للعبد أن يخاف على دينه.

إن مما ينبغي للمسلم مادام على قيد الحياة أن يخاف على دينه من الفتن والشبهات، روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي-صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» ومن أعظم ما يخافه المؤمن على دينه أن يرتد عن دين الإسلام فهذا إمام الحنفاء الخليل إبراهيم عليه السلام يدعو ربه فيقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ} [إبراهيم:35-36].

فهذا الخليل عليه السلام وهو الذي كسر الأصنام بيده، وأوذي في سبيل الله من أجل ذلك وألقي في النار يخاف على نفسه أن يرتد عن التوحيد ويعبد الأصنام لأن الذين عبدوا الأصنام بشر عندهم عقول وإدراك ولم تنفعهم عقولهم ولا إدراكاتهم من النجاة من هذه الفتنة وهي عبادة الأصنام فأشركوا بالله، وها هو الخليل محمد صلى الله عليه وسلم أكمل الناس إيمانًا وتوحيدًا يخاف على نفسه فيدعو ويقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» فتقول له عائشة أم المؤمنين: "تخاف على نفسك؟" فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، وما يؤمنني وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن» (رواه أحمد والنسائي وصححه الألباني)، فخاف عليه الصلاة والسلام على دينه فلجأ إلى الله بأن يثبته على دينه، فإذا كان حال الخليلين هكذا فمن كان دونهما من باب أولى أن يخاف على نفسه من الشبهات والفتن كيف لا ونحن في خضم فتن عظيمة، وشبهات مضللة، ودعاة سوء وأمواج تتلاطم تضل الجاهل وتربك المتعلم وهذا يحمل الإنسان على أن يخاف على دينه ويعتني بنفسه، أعاذنا الله وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

قول المصنف: "الشرك في عبادة الله"


لة الثانية: الشرك بالله. تعريفه وعواقبه.

الشرك لغة: يقال شاركت فلانًا صرت شريكه، والشرك يكون بمعنى الشرك وبمعنى النصيب وجمعه أشراك.
واصطلاحًا: جعل شريك لله في أولوهيته أو ربوبيته أو أسماءه وصفاته، والذي يغلب الإشراك فيه الألوهية.

وهو أعظم فتنة يجب أن يخافها المسلم على دينه ولا شك أن الشرك الأكبر أعظم ذنب عصي الله به وهو أشد نواقض الإسلام جرمًا وهو أصل كل شر وجماعه ومن عواقبه ما يلي:

أولًا: أنه يجعل صاحبه كافرًا مشركًا.


ثانيًا: أن صاحبه مخلدٌ في النار فقد حرم الله عليه الجنة. قال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:72].

ثالثًا: أن الله تعالى أخذ على نفسه ألا يغفر للمشرك إلا أن يتوب.
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، فلا يكفِّر الشركَ شيءٌ من أنواع المكفرات المعروفة إلا أن يتوب المشرك من شركه فهو محروم من المغفرة.

رابعًا: أن الشرك يحبط جميع الأعمال.

قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:65].
وقال: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88].

خامسًا: أنه أعظم ذنب فهو الظلم العظيم

فقد روى أحمد والبخاري ومسلم حديث عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} [الأنعام:82]، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: "أينا لم يظلم نفسه؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]» .

وروى أحمد والشيخان أيضًا حديث عبدالله بن مسعود قال: "سألت رسول الله أي الذنب أعظم عند الله؟" قال: «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك» ، قلت: "إن ذلك لعظيم" الحديث.

سادسًا: أن الشرك يبيح دم المشرك وماله

روى مسلم في صحيحه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» فلا يعصم المال والدم إلا التوحيد واما الشرك فانه يبيح الدم والمال الا ما استثناه الشرع كاهل الذمة والهعد



اختلف أهل العلم في أقسام الشرك على قولين: القول الأول: أن أقسام الشرك قسمان: شرك أكبر، وشرك أصغر. والقول الثاني: أن أقسام الشرك ثلاثة: شرك أكبر وشرك أصغر وشرك خفي. والصواب والله أعلم القول الأول وأنهما قسمان: شرك أكبر، وشرك أصغر.

اختلف أهل العلم في أقسام الشرك على قولين:
القول الأول: أن أقسام الشرك قسمان: شرك أكبر، وشرك أصغر.

والقول الثاني: أن أقسام الشرك ثلاثة: شرك أكبر وشرك أصغر وشرك خفي.

والصواب والله أعلم القول الأول وأنهما قسمان: شرك أكبر، وشرك أصغر.

قال ابن القيم في (مدارج السالكين[1/368]): "أما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر، فالأكبر لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله نداً يحبه كما يحب الله".

وأما الشرك الخفي فمنه ما هو أكبر ومنه ما هو أصغر.

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في مجموع فتاواه ومقالاته [1/46]: "وهناك شرك يقال له: الشرك الخفي... والصواب: أن هذا ليس قسماً ثالثاً، بل هو من الشرك الأصغر، وهو قد يكون خفياً لأنه يقوم بالقلوب كما في هذا الحديث، وكالذي يقرأ ويرائي، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي، أو يجاهد يرائي أو نحو ذلك... وقد يكون خفياً وهو من الشرك الأكبر كاعتقاد المنافقين فإنهم يراؤون بأعمالهم الظاهرة وكفرهم خفي لم يظهروه... وبما ذكرنا يعلم أن الشرك الخفي لا يخرج عن النوعين السابقين: شرك أكبر وشرك أصغر".
ن الشرك ينقسم إلى قسمين:
1- شرك أكبر.
2- شرك أصغر.

أولاً: الشرك الأكبر:
وهو مراد المصنف رحمه الله، وهو تسوية غير الله بالله في شيء من خصائص الله، ويدل على هذا التعريف قوله تعالى: {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:97-98]، وقوله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} [الأنعام:1]، وما رواه الشيخان من حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جواب من سأله أي الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أن تجعل لله نداً وهو خلقك».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الاستقامة [1/344]): "أصل الشرك أن تعدل بالله تعالى مخلوقاته في بعض ما يستحقه وحده، فإنه لم يعدل بالله أحد من المخلوقات في جميع الأمور، فمن عبد غيره أو توكل عليه فهو مشرك".

قال ابن القيم في نونيته:
والشرك فاحذره فشرك ظاهر *** ذا القسم ليس بقابل الغفران
وهو اتخاذ الند للرحمن أيا *** كان من حجر ومن إنسان
يدعوه أو يرجوه ثم يخافه **ويحبه كمحبة الرحمن


وعرفه الشيخ السعدي فقال: "إن حدّ الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده أن يصرف العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله، فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر فعليك بهذا الضابط للشرك الأكبر الذي لا يشذ عنه شيء(انظر القول السديد [43]، وانظر الحق الواضح المبين[59]).

فالشرك قد يكون في الاعتقاد وقد يكون في الأعمال وقد يكون في الأقوال.

أنواع الشرك الأكبر:
النوع الأول: شرك في الربوبية.
• ويكون بالاعتقاد كمن يعتقد أن هناك من يخلق أو يحيي أو يميت أو يملك أو يتصرف في هذا الكون أحد مع الله، لأن الخلق والإماتة والإحياء والتصرف والملك من خصائص الرب سبحانه فلا تجعل لغيره.

ويكون شرك الربوبية في الأعمال كمن يعلق التمائم أو يلبس الحلقة ونحوها ويعتقد أنها بذاتها محصلة للمقصود من التأثير من دون الله تعالى.

قال ابن عثيمين في (القول المفيد على كتاب التوحيد[1/207]): "إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره ويكون شرك الربوبية في الأقوال كمن يقول بوحدة الوجود فيزعمون أن الله تعالى هو عين المخلوق، أو من يقول بإنكار الخالق عز وجل".


نوع الثاني: شرك في الألوهية.
• ويكون بالاعتقاد كمن يعتقد أن هناك من يطاع طاعة مطلقة مع الله فيتبعونهم في ذلك حتى لو أحلُّوا ما حرم الله أو حرموا ما أحل الله، ومنه أيضاً الشرك بالله في المحبة والتعظيم كمن يحب مخلوقاً كمحبة الله تعالى وهو الشرك الذي قال الله فيه: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} [البقرة:165]، ولذلك قال أصحاب هذا الشرك لآلهتهم {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ . إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:97-98]، لأنهم ساووا آلهتهم بالله تعالى في الحب والتأليه والخضوع لهم والتذلل.

فمن اعتقد أن لأحد من الناس سواءً كانوا علماء أو حكاماً أو غيرهم حقاً في التشريع (التحليل والتحريم) من دون الله أو مع الله فقد أشرك مع الله إلهاً آخر، وقال الله عز وجل في أولئك: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]، وهذا أيضاً يسمى شرك الطاعات.

فائدة:
والطائع لمن أحل ما حرم الله وحرم ما أحل الله لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يطيعه في ذلك مع علمه بتبديله لحكم الله ومخالفته للرسل فيعتقد مع ذلك تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم الله إتباعاً له فهذه الحالة شرك أكبر مخرج من الملة.

الحال الثانية: أن يطيعه في ذلك مع اعتقاده تحريم ما حرمه الله وتحليل ما أحل الله ولكن طاعته له في ذلك عن هوى وعصيان مع اعترافه بذنبه وأنه عصى الله في ذلك فهذا حاله حال أهل الذنوب والمعاصي. (انظر مجموع فتاوى ابن تيمية [7/70]).وقد يكون شرك الألوهية في الأعمال كذلك كمن يصلي لغير الله أو يركع ويسجد لغير الله، أو يذبح لغير الله كأن يذبح للجن أو للقبر كما ذكر المصنف وسبق أن هذا النوع وهو شرك الألوهية أغلب أنواع التوحيد الثلاثة انتشاراً. فمن جعل شيئاً من العبادة لمخلوق كائناً من كان، فقد أشرك بالله تعالى في عبادته، واتخذ مع الله نداً يصرف العبادة إليه.

• وقد يكون شرك الألوهية في الأقوال كمن يدعو غير الله سواءً كان دعاء عبادة أو دعاء مسألة أو يستغيث بغير الله أو يستعين بغير الله أو يستعيذ بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل فقد وقع في الشرك سواءً كان هذا الغير نبياً أو ولياً أو ملكاً أو جنياً أو غير ذلك من المخلوقات. ولهذا قال الله تعالى عن الذين يدعون غيره: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65]، لأنهم في حال الرخاء والنجاة يدعون غير الله عز وجل فسماهم مشركين، وهذا النوع يسمى شرك الدعوة، أو شرك الدعاء، والدعاء عبادة عظيمة لا يجوز صرفها لغير الله، فمن دعا الله وهو يريد بالدعاء طلب نفع أو دفع ضر فهذا الدعاء يسمى (دعاء مسألة) ومن دعا الله وهو يريد بالدعاء الخضوع والانكسار والذل بين يدي الله عز وجل شأنه فهذا الدعاء يسمى (دعاء عبادة) والدعاء بنوعيه دعاء المسألة ودعاء العبادة لا يجوز صرفه لغير الله تعالى والدعاء أعظم العبادات وأفضل القربات قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] وقال آمراً بدعائه وسؤاله: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر:60] وجاء في مسند الإمام أحمد ورواه أهل السنن من حديث بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدعاء هو العبادة» ثم قرأ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}.ل ابن القيم في (مدارج السالكين [1/353]) مبيناً شناعة هذا الشرك وعظمه: "ومن أنواعه ـأي الشرك الأكبرـ طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، فضلاً عمن استغاث به، وسأله قضاء حاجته، أو سأله أن يشفع له إلى الله فيها، وهذا من جهله بالشافع، والمشفوع له عنده".

النوع الثالث: شرك في الأسماء والصفات.
• ويكون بالاعتقاد كمن يعتقد أن هناك من يعلم الغيب مع الله تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيرًا، فالله عز وجل من صفاته أنه علام الغيوب، فمن اعتقد أن هناك من يعلم الغيب مع الله فقد أشرك وهذا يكثر لدى بعض الفرق المنحرفة كالرافضة وغلاة الصوفية والباطنية عموماً، حيث يعتقد الرافضة في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب وكذلك يعتقد الباطنية والصوفية في أوليائهم نحو ذلك، وكذلك من يعتقد أن هناك من يرحم كالرحمة التي تليق بالله عز وجل إذ أن الرحمة صفة من صفاته جل شأنه والرحمن اسم من أسمائه تقدست أسماؤه فمن اعتقد أن غير الله يرحم كرحمة الله التي تليق بجلاله وذلك بأن يغفر الذنوب ويعفو عن عباده ويتجاوز عن السيئات فقد أشرك لأنه ساوى الخالق بالمخلوق تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

وقد يكون شرك الأسماء والصفات في الأعمال أيضاً كمن يتعاظم على الخلق مضاهاة بالله تعالى، وتشبها بصفاته التي منها صفة العظيم.قال ابن القيم في (الجواب الكافي صـ[202]): "فمن تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه في المدح والتعظيم والخضوع والرجاء، وتعليق القلب به خوفاً ورجاء والتجاء واستعانة، فقد تشبه بالله ونازعه في ربوبيته وإلهيته".

• وقد يكون شرك الأسماء والصفات في الأقوال أيضاً كمن يطلق اسم الرحمن أو الأحد أو الصمد على غير الله تعالى أو يسمى الأصنام بها.

♦ هذه أنواع الشرك الأكبر في أنواع التوحيد الثلاثة الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ذكرتها على وجه التمثيل لا على وجه العد والحصر ومرجع ذلك كله تسوية غير الله بالله في شيء من خصائص الله تعالى، ومن أهل العلم من يقسم الشرك إلى أربعة أقسام (وهي داخلة في الأقسام السابقة) إلا أن التقسيم السابق باعتبار أنواع التوحيد الثلاثة، ومن قسمها إلى أربعة أقسام قسمها باعتبار أن أنواع الشرك الأكبر كثيرة ومدارها على أربعة أنواع كما ذكر ذلك في كتاب (مجموعة التوحيد صـ[5]) وهذه الأنواع الأربعة هي:


النوع الأول: شرك الدعوة أو الدعاء.
وهو أن يدعو العبد غير الله كدعاء الله سواء كان دعاء عبادة أو دعاء مسألة، وسبق توضيح هذا النوع تحت شرك الألوهية في الأقوال، فمن دعا غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كان مشركاً قال تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون:117].ع الثاني: شرك النية والإرادة والقصد.
وهو أن يقصد ويريد وينوي بعمله أصلاً غير الله عز وجل، ويدل على هذا النوع من الشرك قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ . أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود:15-16] والأصل عند ورود إحباط العمل في القرآن أن سببه الشرك والكفر، وجعل هذا النوع شركاً أكبر محمول على من كانت جميع أعماله مراداً بها غير وجه الله، أما من طرأ عليه الرياء في عمل أصله لله فهو شرك أصغر وسيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى.

النوع الثالث: شرك الطاعة.
وهو مساواة غير الله بالله في التشريع والحكم (أي في التحليل والتحريم) وسبق توضيح هذا النوع تحت شرك الألوهية في الاعتقاد، ومما يجدر التنبيه عليه أن هذا النوع من الشرك وهو شرك الطاعة ربما يقع من العالم الذي اتبع هواه وأطاع غير الله من حاكم أو والٍ أو صاحب أو جاه في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله طمعاً في جاه أو متاع أو سلطان أو رئاسة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى [35/372، 373]): "ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتداً كافراً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة" قال تعالى: {المص . كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ . اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:1-3 ].ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذى ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب إتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقاً لعذاب الله بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله فهذه سنة الأنبياء وأتباعهم، قال تعالى: {الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:1-3].

النوع الرابع: شرك المحبة.
وهو أن يحب مع الله غيره كمحبة الله أو أشد من ذلك، وسبق توضيح ذلك أيضاً تحت شرك الألوهية، كمن يحب آلهته من صنم ووثن أو قبر وضريح فيغضب إذا امتهنت وأهينت أشد من غضبه لله، أو يُسر لها أشد من سروره لله.

فائدة: قال ابن القيم في (أقسام المحبة كما في الجواب الكافي[1/134]): "ها هنا أربعة أنواع من الحب، يجب التفريق بينهما، وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينهما:
أحدها: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذابه والفوز بثوابه فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله.

الثاني: محبة ما يحبه الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر وأحب الناس إلى الله، أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.

الثالث: الحب لله فيه، وهي من لوازم محبة ما يحب الله ولا يستقيم محبة ما يحب الله إلا بالحب فيه وله.الرابع: المحبة مع الله، وهي المحبة الشركية وكل من أحب شيئاً مع الله لا لله ولا من أجله ولا فيه فقد اتخذه نداً من دون الله وهذه محبة المشركين" أ ـ هـ.

وقال رحمه في (كتاب الروح [1/254]): "والفرق بين الحب في الله والحب مع الله وهذا من أهم الفروق وكل أحد محتاج بل مضطر إلى الفرق بين هذا وهذا فالحب في الله هو من كمال الإيمان والحب مع الله هو عين الشرك" أ ـ هـ.




نكمل لاحقا

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://9078.forumarabia.com
Admin
Admin



المساهمات : 1410
تاريخ التسجيل : 07/05/2014

نواقض الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: نواقض الاسلام    نواقض الاسلام  Emptyالثلاثاء مايو 13, 2014 11:01 am

3-الشرك في عبادة الله
ثانياً: الشرك الأصغر:وهو ما ورد في الشرع أنه شرك ولم يصل إلى الشرك الأكبر، وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر وهو بلا شك ينقص التوحيد ولا يخرج مرتكبه من الإسلام فلا يخلد في النار.وهو أيضاً يقع في الربوبية كلبس حلقة أو خيط لرفع البلاء ودفع الضر ويقع في الألوهية كالحلف بغير الله ويقع في الأسماء والصفات كقول (ما شاء الله وشئت) وسيأتي توضيح ذلك. وللشرك الأصغر دلائل وعلامات يعرف بها من نصوص الشرع منها:
- تحديده بالنص أنه أصغر: كما جاء في مسند أحمد من حديث محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر». قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء».
- أن يأتي لفظ الشرك منكراً من غير تعريف ب- (أل): كما جاء عند أحمد وأبي داود والترمذي من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطيرة شرك ثلاثاً، وما منَّا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل».

• فهم الصحابة له بأنه شرك أصغر لا أكبر مخرج من الملة.

• ما يعرف عند جمع النصوص ومقارنتها أنه شرك أصغر.

والشرك الأصغر على قسمين:
الأول: شرك أصغر ظاهر
وهو ما يقع في الأقوال والأفعال، فالنوع الأول وهو شرك الألفاظ أو الأقوال مثاله الحلف بغير الله تعالى.
ويدل على ذلك ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث سعد بن عبيدة قال: سمع ابن عمر رجلاً يحلف لا والكعبة فقال له ابن عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حلف بغير الله فقد أشرك».
وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت»، لأن الحلف لا يكون إلا بالله أو صفاته، ولا يجوز الحلف بغيره، وإن اعتقد أن المحلوف به بمنزلة الله في العظمة فهذا شرك أكبر كما سبق وإلا فهو شرك أصغر.
قال الألباني في (السلسلة الصحيحة) [5/71] بعدما نقل كلاماً للطحاوي في إثبات أن الحلف بغير الله شرك أصغر: "يعني والله أعلم أنه شرك لفظي وليس شركاً اعتقادياً، والأول تحريمه من باب سدّ الذرائع، والآخر محرم لذاته، وهو كلام وجيه متين" ا. هـ.
ومن الشرك الأصغر في الألفاظ كذلك قول (ما شاء الله وشئت) ويدل على ذلك ما رواه أحمد وابن ماجه والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فقال: ما شاء الله يعني وشئت، فقال: «ويلك أجعلتني والله عِدلاً، قل: ما شاء الله وحده»، وفي رواية «أجعلتني لله نداً، قل: ما شاء الله وحده»، فالحق أن يقول: ما شاء الله وحده أو ما شاء الله ثم شئت، ومثله لولا الله ثم فلان، ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم «أجعلتني لله نداً» دليل على أن قول ما شاء الله وشئت، شرك أصغر إذ أن مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله، قال تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:29].
والأصل في هذا الشرك أنه شرك أصغر وقد يصل إلى الشرك الأكبر وذلك إذا اعتقد أنه يساوي الله تعالى في المشيئة.قال شيخنا ابن عثيمين في (القول المفيد) [2/378]: "فإن اعتقد أنه يساوي الله تعالى في التدبير والمشيئة فهو شرك أكبر، وإن لم يعتقد ذلك واعتقد أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء فهو شرك أصغر.
وهناك من الألفاظ ما يشابه ذلك ويوقع في الشرك الأصغر، وما أروع ما قاله الإمام ابن القيم في (الجواب الكافي) ص [199] بعدما ذكر الحديث السابق حيث قال: "فكيف من يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا من حِسْب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، ويقول: والله وحياة فلان، أو يقول: نذراً لله ولفلان، وأنا تائب لله ولفلان، أو أرجو الله وفلاناً، ونحو ذلك؟ فوازن بين هذه الألفاظ وبين قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش؟ يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي صلى الله عليه وسلم لقائل تلك الكلمة، وأنه إذا كان قد جعله نداً لله بها، فهذا قد جعل من لا يداني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من الأشياء، بل لعله أن يكون من أعدائه، نداً لرب العالمين " ا.هـ.

وأما النوع الثاني وهو الشرك في الأفعال والأعمال. فمثاله: من يعلق التمائم والقلائد خوفاً من العين أو لرفع البلاء أو دفع الضر أو يلبس حلقة أو خيطاً لرفع البلاء ودفع الضر، فيجعل هذه القلائد والتمائم ولبس الخيط والحلقة أسباباً ظاهرة لدفع العين والضر ورفع البلاء التي لم يثبت كونها سبباً لا شرعاً ولا حساً وهذا نوع من الشرك الأصغر، ويدل على ذلك ما رواه أحمد من حديث عقبة مرفوعاً: «من تعلق تميمة فقد أشرك»، فقد جعل هذه أسباباً لرفع البلاء ودفع الضر ولم يجعلها أسباباً في شرعه ولم يثبت ذلك لنا بالحس الظاهر فقد وقع في الشرك الأصغر بفعله هذا وأما إن اعتقد أنها تدفع الضر وترفع البلاء بنفسها فهذا شرك أكبر لأنه ساواها بالله في دفع الضر ورفع البلاء.
قال الشيخ ابن عثيمين في (القول المفيد) [1/165]: "ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره، وإن اعتقد في شيء أنه سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه، فهو مشرك شركاً أصغر، لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسبب سبباً، فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سبباً. وطريق العلم بان اي شي سبب
اما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل {فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} [النحل من الآية:69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء من الآية:82].

وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض، ولكن لابد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً، فهذا سبب ظاهر بيّن".

ومن أمثلة الشرك الأصغر بالأعمال أيضاً من يتمسح بشيء لم يجعل الله فيه البركة، كتقبيل أبواب المساجد، والتمسح بأعتابها، والاستشفاء بتربتها، ومثله التمسح بجدران الكعبة ومقام إبراهيم طلباً للبركة، لأن طلب البركة لا تكون إلا بأمر شرعي معلوم.

القسم الثاني: شرك أصغر خفي.
وهو الشرك في النيات والمقاصد والإرادات، وهو على نوعين:
النوع الأول: ما يكون رياء.
والرياء قسمان:
1- شرك أكبر: وهو رياء المنافقين كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 142].2-- شرك أصغر: كأن يعمل عملاً مما يتقرب به إلى الله - عز وجل - فيُحسن عمله من صلاة أو قراءة لأجل أن يمدح ويثنى عليه، ويدل على ذلك ما رواه أحمد في مسنده من حديث محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء».
وهذا النوع من الشرك وهو الرياء قلَّ من يسلم منه نسأل الله السلامة والعافية وللشيطان فيه مداخل خفية حتى على أهل العبادة والزهادة والعلم.

• قال ابن القيم رحمه الله: "فذلك البحر الذي لا ساحل له وقلّ من ينجو منه، فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئاً غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته" ا. هـ.
وقال بعض أهل المعرفة في هذا الباب: "هو من أضر غوائل النفس وبواطن مكائدها، يبتلى به العلماء والعباد والمشمرون عن ساق الجد لسلوك طريق الآخرة، فإنهم مهما قهروا أنفسهم وفطموها عن الشهوات، وصانوها عن الشبهات، عجزت نفوسهم عن الطمع في المعاصي الظاهرة، وطلبت الاستراحة إلى إظهار العلم والعمل، فوجدت مخلصاً من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق، ولم تقنع باطلاع الخالق، وفرحت بحمد الناس، ولم تقنع بحمد الله وحده، فأحبت مدحهم وتبركهم بمشاهدته وخدمته وإكرامه وتقديمه في المحافل، فأصابت النفس بذلك أعظم اللذات وأعظم الشهوات وهو يظن أن حياته بالله وبعبادته، وإنما حياته هذه الشهوة الخفية التي تعمى عن دركها العقول النافذة، وقد أثبت اسمه عند الله من المنافقين وهو يظن أنه عند الله من عباده المقربين" أ - هـ.
• ولما كثر هذا النوع من الشرك بين الناس وهو الرياء فقدت حلاوة الإيمان في كثير من العبادات ولا حول ولا قوة إلا بالله لأن الرياء ضد الإخلاص الذي هو روح العبادة ولبُّها بل شرطها الذي لابد منه مع المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، بل ربما وجد من الناس من هو أشد حرماناً من ذلك فأصبح يرائي بما لا يعمل ولذا قال أحد السلف: "أدركنا أقواماً يراءون بما يعملون فما لنا نرى أقواماً يراءون بما لا يعلمون" ولما دبّ هذا الداء في قلوب الكثير كان لزاماً على من ابتلي بذلك أن يتدارك نفسه ويجاهدها على الإخلاص والنجاة من الضد وهو الرياء، ولقد سأل خير القرون وهم الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجاة من هذا الداء فأجابهم بأبي هو وأمي عليه أفضل الصلاة والتسليم.

قال ابن القيم رحمه الله في معرض كلامه عن الشرك في العبادة: "ولكن لا يخص الله في معاملته وعبوديته، بل يعمل لحظ نفسه تارة، ولطلب الدنيا تارة، ولطلب الرفعة والمنزلة والجاه عند الخلق تارة، فلله من عمله وسعيه، ولنفسه وحظه وهواه نصيب، وللشيطان نصيب، وللخلق نصيب، وهذا حال أكثر الناس. وهو الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن حبان في صحيحه ": «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة». قالوا: كيف ننجو منه يا رسول الله؟! قال: «قل اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم». فالرياء كله شرك." النوع الثاني: ما يكون سمعة.
كأن يعمل عملاً لله ثم يحدث الناس ويسمع بعمله، فيعمل العمل ليسمعه الناس فيكون القصد لغير الله، ويدل على ذلك ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمَّع سمّع الله به ومن يراءي يراءي الله به».

العمل إذا خالطه الرياء لا يخلو من حالات:
الحالة الأولى: أن ينشئ العبد العمل من أصله لغير الله، كأن لا يريد بعمله إلا الدنيا، فهذا العمل عمل المنافقين الذين قال الله فيهم: {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:142]، فهذا العمل لا يشك مسلم بأنه حابط وأن صاحبه يستحق المقت والعقوبة من الله عز وجل.

الحالة الثانية: أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء من أصله.
فهذا عمله باطل كما هو ظاهر النصوص الصريحة فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه».

الحالة الثالثة: أن يكون أصل العمل لله ثم طرأت عليه نية الرياء فهذا ينقسم إلى قسمين:
الأول: أن يدافعه فهذا لا يضره.

مثاله: رجل صلى ركعة واحدة، ثم جاء أناس في الركعة الثانية، فحصل في قلبه شيء بأن أطال الركوع أو السجود أو تباكى وما أشبه ذلك، فإن دافعه فإنه لا يضره لأنه قام بمجاهدته.الثاني: أن يسترسل معه فهو باطل، ولكن هذا البطلان هل يمتد لجميع العبادة أم لا؟ لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون آخر العبادة مبنياً على أولها، بحيث لا يصح أولها مع فساد آخرها، فهذه كلها فاسدة كالصلاة مثلاً فحينئذٍ تبطل الصلاة كلها إذا طرأ عليها الرياء في أثناءها ولم يدافعه.

الثانية: أن يكون آخر العبادة منفصلاً عن أولها، بحيث يصح أولها دون آخرها، فما كان قبل الرياء فهو صحيح وما كان بعده فهو باطل، كمن عنده مائة ريال، فتصدق بخمسين بنية خالصة، ثم تصدق بخمسين بقصد الرياء، فالأولى مقبولة والثانية غير مقبولة (انظر: (جامع العلوم والحكم) لابن رجب، وانظر: (القول المفيد) لشيخنا ابن عثيمين [1/117]).
4- الشرك في عبادة الله المسألة الرابعة: هل الشرك الأصغر يُغفر ويكون تحت المشيئة أم أنه لا يغفر إلا بالتوبة كالشرك الأكبر.

والمقصود: هل مكفرات الذنوب تكفر الشرك الأصغر أم لابد من التوبة؟
على قولين:
القول الأول: أنه لا يُغفر إلا بالتوبة، ولكن صاحبه لا يحكم بكفره ولا يُخلَّد في النار بل مآله إلى الجنة.
واستدلوا: بعموم قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء من الآية:48].

واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: "وأعظم الذنوب عند الله الشرك به وهو سبحانه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والشرك منه جليل ودقيق وخفي وجليٌّ" (انظر: (جامع الرسائل) [2/254])، وقال في الرّد على البكري ص: [146]: "وقد يُقال الشرك لا يُغفر منه شيء لا أكبر ولا أصغر على مقتضى القرآن وإن كان صاحب الشرك ـأي الأصغرـ يموت مسلماً لكن شركه لا يُغفر له بل يُعاقب عليه وإن دخل بعد ذلك الجنة" وأيضاً لشيخ الإسلام كلام يوحي بأنه لم يجزم بهذا القول وأن الشرك الذي لا يغفره الله هو الشرك الأكبر.

والقول الثاني: أنه تحت المشيئة ويُغفر بغير التوبة.
واستدلوا: بقوله تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة من الآية:72].

فقالوا: أنه بإجماع العلماء أن الشرك الأصغر لا يدخل تحت هذه الآية ولا يدخل في قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر من الآية:65] فلا يحبط الأعمال إلا الشرك الأكبر وهو المراد في هذه الآية بالإجماع، فكذلك هو المراد بقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ}، ولأن الموازنة بين الحسنات والسيئات يكون فيما دون الشرك الأكبر من السيئات، لأن الشرك الأكبر لا موازنة بينه وبين غيره فهو يحبط العمل فلا يبقى معه عمل ينفع.

وهذا القول هو ظاهر اختيار الإمام ابن القيم، قال في (إغاثة اللهفان) [1/59]: "فأما نجاسة الشرك فهي نوعان: نجاسة مغلظة ونجاسة مخففة، فالمغلظة الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله فإن الله لا يغفر أن يشرك به والمخففة الشرك الاصفر كيسير الرياء وعلى كل حال يجب الحذر من الشرك مطلقاً لأن عموم قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} يحتمل دخول الشرك الأصغر فيه، ولكل قول حظّ من النظر في أدلته على مسألة دخول الشرك الأصغر في الآية أم لا نسأل الله السلامة والعافية.

لاحقا نكمل





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://9078.forumarabia.com
Admin
Admin



المساهمات : 1410
تاريخ التسجيل : 07/05/2014

نواقض الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: نواقض الاسلام    نواقض الاسلام  Emptyالثلاثاء مايو 13, 2014 2:46 pm

نتابع
المسألة الخامسة:

كيف الجمع بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق»".

جاء في صحيح مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل النجدي الذي سأل رسول الله عن الإسلام وفي آخر الحديث أدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلح وأبيه إن صدق». فظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف بأبيه فكيف الجمع بينه وبين نهيه عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله؟

الجواب من وجهين:
الوجه الأول: أن لفظ «أفلح وأبيه إن صدق» حكم عليها بعض الحفاظ بالنكارة وقالوا لا تصح لما يلي:
1- أن مالك بن أنس تابع إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل بدون لفظة (وأبيه) ومالك بن أنس أوثق من إسماعيل بن جعفر وأيضاً أبو سهيل عمّ مالك بن أنس فهو أعرف به من غيره فتكون روايته مقدّمة على غيره، ولهذا أخرّ مسلم رواية إسماعيل بن جعفر وقدّم رواية مالك بن أنس لأنه يقدّم الأصح فالأصح.
قال محدث اليمن عبدالرحمن المعلمي في (الأنوار الكاشفة) ص [29،230]: "من عادة مسلم في صحيحه أنه عند سياق الروايات المتفقة في الجملة يقدّم الأصح فالأصح، فقد يقع في الرواية المؤخرة إجمال أو خطأ تبيّنه الرواية المقدّمة".
2- أن إسماعيل بن جعفر قد اضطرب في الحديث فمرة يأتي بهذه اللفظة ومرة لا يأتي بها.قال ابن حجر: قال ابن عبدالبر: "هذه اللفظة غير محفوظة، وقد جاءت عن راويها هو إسماعيل بن جعفر بلفظ «أفلح والله إن صدق» قال: هذا أولى من رواية من روى عنه بلفظ: «أفلح وأبيه» لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح، ولم تقع في رواية مالك أصلاً" أ ه.

وقال الألباني:"قوله (وأبيه) شاذ عندي في هذا الحديث وغيره كما حققته في (الأحاديث الضعيفة) [4992]" ا. هـ.

الوجه الثاني: أن هذه اللفظة على فرض صحتها فقد وجهها أهل العلم، فمنهم من قال أن هذا الحلف كان قبل النهي، ومنهم من قال أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال أن هذا مما يجري على اللسان من غير قصد، وبهذه الاحتمالات وغيرها من التوجيهات تكون هذه اللفظة من المتشابه الذي يُردُّ إلى المُحكم وهو النهي عن الحلف بغير الله، وهذه هي طريقة الراسخين في العلم في المحكم والمتشابه أن يدعوا المتشابه ويأخذوا بالمحكم (انظر: (فتاوى العقيدة) للشيخ ابن عثيمين. ص [173]).

قول المصنف: " في عبادة الله ".

المسألة السادسة:
تعريف العبادة.
العبادة: مأخوذة من التعبد والتذلل والخضوع الاختياري، والتقرب إلى الله بما شرعه.

وبعض العلماء يعرفها بأنها غاية الحب لله عز وجل مع غاية الذل له، وهذا تعريفها المجمل.
واما تعريفها المفصل فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) [10/149]: "العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. والعبادة أصل معناها الذل أيضاً، يقال: طريق معبد إذا كان مذللاً قد وطئته الأقدام، لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له ثم قال: ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابداً له، ولو أحبّ شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابداً له، كما قد يحب ولده وصديقه، ولذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء بل لا يستحق المحبة والذل التام إلا الله".

وقال ابن القيم في (نونيته الكافية الشافية):

وعبادة الرحمن غاية حبه *** مع ذل عابده هما قطبانِ
وعليهما فلك العبادة دائرٌ *** ما قام حتى قامت القطبانِ صورة
ومداره بالأمر أمر رسوله *** لا بالهوى والنفس والشيطانِ

قول المصنف: "ومن ذلك دعاء الأموات"
اللمسألة السابعة:
من أنواع الشرك دعاء غير الله.
وقول المصنف: "ومن ذلك دعاء الأموات والاستغاثة بهم" موجود في بعض النسخ دون البعض، وعلى كل حال مرّ معنا شرك الدعوة وأن من دعا غير الله سواء كان دعاء مسألة أو دعاء عبادة فقد أشرك لأن الدعاء لا يكون إلا مع محبة وتعظيم وافتقار وتذلل واعتقاد أن المدعو قادر على الاستجابة.
ويدل على ذلك: قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف:5-6] وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ . إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر من الآية:13-14].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى): "فكل من غلا في حي، أو في رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني أو أغثني، أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو حسبك أو نحو هذه الأقوال والأفعال، التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل.

وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب في (الدرر السنية) [2/19]: "فمن قال: يا رسول الله، أو يا عبدالله بن عباس، أو يا عبدالقادر، أو يا محجوب زاعماً أنه يقضي حاجته إلى الله تعالى، أو أنه شفيع عنده أو وسيلته إليه فهو الشرك الذي يهدر الدم، ويبيح المال إلا أن يتوب من ذلك".
ا 6-لشرك في عبادة الله تعالى.المسألة الثامنة: الاستغاثة بغير الله

والاستغاثة: طلب العون من جلب خير أو دفع شر، وهي نوع من أنواع العبادة لا يجوز صرفها لغير الله، ومن صرفها لغير الله فقد وقع في الشرك وسبق توضيح ذلك.

قال شيخ الإسلام في الرد على البكري. ص: [387]: "ولا يجوز أن يستغيث بأحد من المشايخ الغائبين، ولا الميتين، مثل أن يقول: يا سيدي فلاناً أغثني، وانصرني، وادفع عني، أو أنا حسبك، ونحو ذلك، بل كل هذا من الشرك الذي حرم الله ورسوله، وتحريمه مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام".

قول المصنف: "الذبح لغير الله كمن يذبح للجن والقبر".

المسألة التاسعة: الذبح لغير الله.
من ذبح لغير الله كمن يذبح للصنم أو للجن أو للقبر أو للكعبة أو لشجرٍ أو لحجرٍ أو مكانٍ فقد أشرك شركاً أكبر، وذبيحته حرام سواءً كان الذابح مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً وهذا الذابح إن كان مسلماً قبل ذلك صار بذبحه لغير الله خارجاً من الملة لأنه صرف عبادة عظيمة لغير الله.

قال ابن عثيمين في (مجموع فتاواه ورسائله) [2/148]: " الذبح لغير الله شرك أكبر، لأن الذبح عبادة كما أمر الله في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]".

والذبح من حيث حكمه الشرعي له ثلاثة أنواع:
1- الذبح التعبدي: وهو إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص، كالأضحية والعقيقة والهدي والوفاء بالنذر، وهي إما أن تكون مستحبة كالأضحية أو واجبة كالوفاء بالنذر.3- الذبح الشركي الأكبر: وهو أن يصرف عبادة الذبح لغير الله متقرباً له كأن يذبح للجن أو لصاحب القبر ونحوه.

تنبيه: الذبح إكراماً للضيف لا يعد من الذبح لغير الله لأنه لم يقصد بإراقته للدم التقرب للضيف بل المقصود اللحم لا إراقة الدم فإراقة الدم جاءت تبعاً لا قصداً، بخلاف الذبح الذي يذكر في أبواب التوحيد فإن إراقة الدم فيه مقصودة لغير الله فتكون قصداً لا تبعاً.

وعليه فإن الذبح عند استقبال الرجل من سلطان أو غيره على أربعة أقسام:
1- شرك أكبر: إذا تقرب به إلى القادم بها.
2- بدعة: إذا تقرب إلى الله بالذبح عند مروره.
3- محرم: إذا ذبح مريداً اللحم وكان في فعله إسراف.
4- مستحب: كالذبح مريداً اللحم عند استقبال الضيف إظهار للإكرام، ولم يصاحب ذلك إسراف، والإكرام الممدوح شرعاً صفته راجعة لعادة القوم.

• ومن صور الشرك الأكبر الذي لابد من التنبيه عليه: النذر لغير الله تعالى؛ لأنه منتشر في بعض البلدان الإسلامية؛ فالنذر عبادة لا يجوز صرفها لغير الله ومن نذر لغير الله فقد أشرك، كمن نذر لولي صالح أو شجر أو حجر، فمن فعل ذلك انسلخ من الإسلام ووقع بما وقع فيه كفار قريش قال الله تعالى عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر من الآية:3].

وكمن يقول: لفلان عليَّ نذر، أو لهذا القبر عليّ نذر، أو لجبريل عليّ نذر يريد بذلك التقرب إليهم فقد وقع في الشرك ولا ينعقد نذره ولا يجب فيه الكفارة وعليه التوبة لأنه وقع في شرك أكبر.
المسالة العاشرة هل الكفر والشرك بمعنى واحد ام يختلفان;تلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: أنهما يختلفان فكل شرك كفر وليس كل كفر شركاً.
واستدلوا:
1- بأن بينهما فرقاً في لغة العرب وعليه يكون بينهما فرق في الشرع لأن الشرع نزل بلغة العرب.
2- قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة من الآية:1].
ووجه الدلالة: أن الله تعالى عطف على أهل الكتاب المشركين والعطف يقتضي الفرق والمغايرة.
3- أن من أشرك بالله فقد كفر بالأوامر التي جاءت بتوحيد الله فمن هنا صار كل مشرك كافراً، وأما الكفر فهو أعم من الشرك فمثلاً من لا يعبد إلا هواه أو غيره من المعبودات الباطلة وحدها دون الله جلّ في علاه، أو من يدعي أنه لا يعبد أحداً فهؤلاء لم يشركوا لأنهم لم يعبدوا إلا واحداً وهو معبودهم الباطل ولم يتحقق فيهم الشرك لأنهم لم يعبدوا الله حتى يكون هناك تسوية، فهنا حصل الكفر دون الشرك.
ويوضح ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في (التدمرية) ص [169]: " فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده فمن استسلم له ولغيره كان مشركاً ومن لم يستسلم له كان مستكبراً عن عبادته، والمشرك والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده ".

والقول الثاني: أن الكفر والشرك اسمان لمسمى واحد فهما سواء.
واستدلوا:
1- بقوله تعالى: {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف من الآية:35-36] ثم قال: {وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف من الآية:42] وقالوا: أن وجه الدلالة أن هذه الأشياء المذكورة على قول المفرقين كلها كفر ومع ذلك أطلق عليها شركاً.

تلف أهل العلم في ذلك على قولين:
القول الأول: أنهما يختلفان فكل شرك كفر وليس كل كفر شركاً.
واستدلوا:
1- بأن بينهما فرقاً في لغة العرب وعليه يكون بينهما فرق في الشرع لأن الشرع نزل بلغة العرب.
2- قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [البينة من الآية:1].
ووجه الدلالة: أن الله تعالى عطف على أهل الكتاب المشركين والعطف يقتضي الفرق والمغايرة.
3- أن من أشرك بالله فقد كفر بالأوامر التي جاءت بتوحيد الله فمن هنا صار كل مشرك كافراً، وأما الكفر فهو أعم من الشرك فمثلاً من لا يعبد إلا هواه أو غيره من المعبودات الباطلة وحدها دون الله جلّ في علاه، أو من يدعي أنه لا يعبد أحداً فهؤلاء لم يشركوا لأنهم لم يعبدوا إلا واحداً وهو معبودهم الباطل ولم يتحقق فيهم الشرك لأنهم لم يعبدوا الله حتى يكون هناك تسوية، فهنا حصل الكفر دون الشرك.
ويوضح ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في (التدمرية) ص [169]: " فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده فمن استسلم له ولغيره كان مشركاً ومن لم يستسلم له كان مستكبراً عن عبادته، والمشرك والمستكبر عن عبادته كافر، والاستسلام له وحده يتضمن عبادته وحده وطاعته وحده ".

والقول الثاني: أن الكفر والشرك اسمان لمسمى واحد فهما سواء.
واستدلوا:
1- بقوله تعالى: {قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا} [الكهف من الآية:35-36] ثم قال: {وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف من الآية:42] وقالوا: أن وجه الدلالة أن هذه الأشياء المذكورة على قول المفرقين كلها كفر ومع ذلك أطلق عليها شركاً.

ونوقش هذا الاستدلال: بأن وصفه للجنة بقوله: {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} [الكهف من الآية:35] حيث وصفها بالدوام وهذا شرك أكبر إذ أنه لا يوصف بالدوام إلا الله سبحانه {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:26-27] وبهذا يسقط الاستدلال.

2-- قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء:48].
وقالوا: أن وجه الدلالة أن القول بالفرق بينهما يلزم منه أن الكفر يُغفر.

ونوقش هذا الاستدلال: بأننا لا نسلم أن الكفر دون الشرك فإن الكفر إن لم يكن مساوياً للشرك فهو أعظم منه، فمن جحد وجود الرب سبحانه فقد كفر ولا شك أن هذا أعظم من الشرك. فأدلت عدم غفران الشرك تستلزم عدم غفران الكفر من باب أولى.

3- قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} [الجاثية من الآية:23].
ووجه الدلالة: أنه كفره لما اتخذ إلهه هواه وهذا شرك.

ونوقش هذا الاستدلال:
أن هذه الآية لا دلالة فيها إذ أن من اتخذ إلهه هواه لا يخلو من حالتين:
إما أنه ينكر الرب سبحانه ويعبد هواه وحده فهذا لا يكون إلا كافراً وإما أنه يعبد الله وهواه وهذا يكون مشركاً، والآية على كلا الحالتين لم تحكِ لنا حاله هل هو مشرك أو كافر.

والقول الأول: هو قول أبي حنيفة.
والثاني: هو قول الشافعي كما حكى ذلك ابن حزم، ومال شيخ الإسلام ابن تيمية إلى القول الأول كما هو ظاهر كلامه السابق. والله أعلم.




الناقض الثاني من جعل بينه وبين الله واسائط يتوكل عليهم 1-

المسألة الأولى: المقصود بهذا الناقض:

ما ذهب إليه بعض المشركين من أن معبوداتهم التي أشركوا بها مع الله تملك بعض التصرف في الكون، فطائفة أشركوا بتعظيمهم للموتى وأهل القبور، وطائفة بالنجوم والكواكب وطائفة بالأصنام فسوّل لهم الشيطان أنها وسائط وشفعاء يشفعون لهم عند الله في قضاء الحوائج وكشف المُلمّات وتفريج الكربات فيدعونهم ويسألونهم الشفاعة ويتوكلون عليهم، وهذا الناقض هو الذي وقع فيه مشركو قريش، حيث جعلوا مع الله وسائط تقربهم إلى الله زلفى قال الله تعالى عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ} [الزمر من الآية:3] وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ} [يونس من الآية:18]، مع أنهم يقرون بربوبية الله فيقرون أنه الخالق ولا يقدر على الخلق والرزق والأحياء والإماتة إلا الله، ومع هذا لم يصيروا مسلمين موحدين بل كانوا مشركين.

وهذا الناقض أيضًا وقع فيه كثير ممن ينتسب للإسلام في هذا العصر فجعلوا بينهم وبين الله وسائط، كما فعل كفار قريش فعظموا الأضرحة والمزارات وتقربوا إليها بالذبح وسألوها قضاء الحوائج لتشفع لهم عند الله زاعمين أن هذه الأضرحة والمزارات وسائط بينهم وبين الله تعالى، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ. وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ من الآيتين:22-23] ومن عَظَّم هذه الوسائط فذبح لها ودعاها بأن سألها قضاء الحوائج فجعلها وسائط بينه وبين الله فقد وقع في الكفر والشرك لأنه شبه الخالق بالمخلوق.قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى [1/ 126]: "وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه كالحجّاب الذين بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم، وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك الحوائج للناس، لقربهم منهم والناس يسألونهم، أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك، لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج. فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك، يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبهون لله، شبهوا المخلوق بالخالق وجعلوا لله أندادًا".



المسألة الثانية: ما الفرق بين الناقض الأول والناقض الثاني؟

الناقض الثاني نوع من أنواع الناقض الأول، وداخل فيه، فالأول عام والناقض الثاني خاص وخصّه الشيخ بالذكر لكثرة وقوعه ممن ينتسب للإسلام من عبادة الأضرحة وعبادة القبور والأولياء والصالحين.



قول المصنف رحمه الله: "من جعل بينه وبين الله وسائط".

المسألة الثالثة: الوسائط تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: بمعنى تبليغ الرسالة:وهي أن تجعل بينك وبين الله واسطة في تبليغ الرسالة، وهم الرسل من الملائكة والبشر فهم واسطة بين الناس والرب في تبليغ شرع الله تعالى، ومن أنكر هذه الواسطة فقد كفر بإجماع العلماء، فمن قال لا حاجة إلينا بالملائكة والرسل الذين يأتون بشرع الله نحن نتصل بالله بدونهم، كما تقوله الصوفية أنهم يأخذون عن الله مباشرة بلا واسطة فهذا كفر بالإجماع، لأنهم أنكروا أن شرع الله يأتي بواسطة الملائكة والرسل وقالوا نحن نأتي به مباشرة من دون واسطة.

والحق أننا لا نعرف ما جاء عن الله تعالى إلا بواسطة الرسل من الملائكة والبشر قال تعالى: {اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج من الآية:75] فهؤلاء الذين اصطفى الله هم واسطة بيننا وبين الله في تبليغ الرسالة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "مما أجمع عليه جميع أهل المِلل من المسلمين واليهود والنصارى، إثبات الوسائط بين الله وبين عباده، وهم الرسل الذين بلغوا عن الله أمره وخبره، قال تعالى: {اللَّـهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج من الآية:75] ومن أنكر هذه الوسائط فهو كافر بإجماع أهل المِلل" (انظر مجموع الفتاوى [1/ 122] بتصرف).


القسم الثاني: بمعنى الطلب والمعاونة والإعاذة وطلب الغوث والشفاعة:

كأن يجعل العبد له واسطة بينه وبين الله فيطلبه بما لا يقدر عليه إلا الله، كطلب الرحمة والمغفرة ودخول الجنة وطلب الشفاء والرزق من غير الله وطلب الشفاعة من الأموات، فكل هذا من الشرك الأكبر ومن أثبت هذه الواسطة فقد كفر بإجماع العلماء وهي المقصودة في قول المصنف في هذا الناقض، قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف:5-6] وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: 14].

قال ابن تيمية: "فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنوب، وهداية القلوب وتفريج الكروب وسد الفاقات فهو كفر باجماع المسلمين انظر فتوى \1\124\
وملخص المقصود بالوسائط أنها على قسمين:

1- وسائط من أنكرها فهو كافر بإجماع المسلمين، وهي الوسائط التي بمعنى تبليغ الرسالة، وهي أن تجعل بينك وبين الله واسطة في تبليغ الرسالة، وهم الرسل من الملائكة والبشر، كما سبق بيانه.

2- وسائط من أثبتها فهو كافر بإجماع المسلمين، وهي الوسائط من المخلوقين التي يجعلها بعض الناس بينهم وبين الله فيسألونهم الشفاعة ويتوكلون عليهم ويدعونهم، وهي مراد المصنف رحمه الله، وهذا كفر بإجماع المسلمين

20من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم مسألة الرابعة: من جعل بينه وبين الله وسائط لا يعبدها وإنما جعلها أسبابًا تقربه إلى الله:

كالذي يتخذ الوسائط لا يدعوها ولا يعبدها ولا يذبح لها ولا ينذر لها ولا يصرف لها أي نوع من أنواع العبادة فهو ليس كالذين قال الله عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ} [الزمر من الآية:3]، بل يعتقد أن العبادة لله ولا يعبد إلا الله لكنه يتخذ الوسائط على أنها سبب تقربه إلى الله بزعمه فيطلب من الميت عند قبره أن يدعو له، فهل هذا يُعدُّ شركًا أكبر؟

القول الأول: أنه يُعدُّ من الشرك الأكبر.

والقول الثاني: أنه لا يُعدُّ من الشرك الأكبر بل هو وسيلة إليه وهي وساطة بدعيَّة، وأصحاب هذا القول لم يجعلوها من الشرك الأكبر لأن طلب الدعاء من الآخرين ليس خاصًا بالله وسبق أن في تعريف الشرك الأكبر أنه مساواة غير الله بالله في شيء من خصائص الله، فقالوا: إن طلب الدعاء من الآخرين ليس خاصًا بالله، لأنه يجوز طلبه من الحي ولو كان خاصًا بالله لما جاز طلبه من الحي لكونه خاصًا بالله، فطلبه الدعاء من الميت ليس شركًا أكبر على هذا القول واختاره ابن باز رحمه الله.



قال الشيخ عبدالعزيز بن باز في تعليقه على الفتح [2/ 575] عند قول مالك الدار -وكان خازن عمر-: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا. فأتى الرجل في المنام فقيل له: «ائت عمر...» الحديث، قال ابن باز رحمه الله: "وأن ما فعله هذا الرجل منكر ووسيلة إلى الشرك، بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك".

نكمل لاحقا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://9078.forumarabia.com
Admin
Admin



المساهمات : 1410
تاريخ التسجيل : 07/05/2014

نواقض الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: نواقض الاسلام    نواقض الاسلام  Emptyالأربعاء مايو 14, 2014 11:34 am

نتابع
وقال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه (تصحيح الدعاء)، ص[250]: "سؤال حي لميت بحضرة قبره بأن يدعو الله له، مثل قول عباد القبور مخاطبين لها: يا فلان ادع الله لي بكذا وكذا. أو: أسألك أن تدعو الله لي بكذا وكذا، فهذا لا يختلف المسلمون بأنها وساطة بدعية، ووسيلة مُفضية إلى الشرك، ودعاء الأموات من دون الله، وصرف القلوب عن الله تعالى، لكن هذا النوع يكون شركًا أكبر في حال ما إذا أراد الداعي من صاحب القبر الشفاعة والوساطة الشركية على حد عمل المشركين {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ} [الزمر من الآية:3]" أ. ه.



إلا أن كثيرًا ممن ينتسب إلى الإسلام اليوم ممن يجعلون وسائط بينهم وبين الله لا يجعلونها مجرد وسائط بل يعبدونها وينذرون ويذبحون لها ويتبركون بترابها وأعتابها ويحجون إليها في أوقات معينة ويعكفون عندها، ويأتون بقطعان الأنعام فيذبحونها في ساحات الأضرحة يتقربون بها إلى أصحاب الأضرحة بزعمهم أنهم يقربونهم إلى الله، وكل هذا شرك أكبر يخرج صاحبه من الملة، وقد وقع هؤلاء فيما حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم من حديث جندب: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» فوقع هؤلاء بما وقع فيه اليهود والنصارى من قبل من البناء على القبور وكان هذا ممنوعًا في الصدر الأول من هذه الأمة في عصر القرون المفضلة، حتى جاءت دولة الفاطميين الشيعة واستولوا على مصر وغيرها من البلاد فبنوا المشاهد على القبور في مصر وغيرها، ثم تكاثرت الأضرحة في بلاد المسلمين بسبب هؤلاء الشيعة قبحهم الله فهم أول من بنى على القبور كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية.
المسألة الخامسة: شبهة وردُّها:وهؤلاء الذين يتخذون وسائط بينهم وبين الله عز وجل يدعونهم ويتوكلون عليهم ويطلبون منهم الشفاعة لهم شبهة يرددونها ويتمسكون بها مستدلين بها على اعتقادهم الخاطئ، ومن أبرز شبههم العريضة التي يتشبثون بها ما جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك: "إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا قال: فيُسْقَون" ففهموا من هذا الحديث أن عمر بن الخطاب توسل بالعباس بن عبد المطلب وجعله واسطة بينه وبين الله عز وجل وهذا يدل على أن اتخاذ الوسائط جائز بدليل توسل عمر بجاه ومكانة العباس عند الله سبحانه وتعالى.



والرد على هذه الشبهة من وجوه عدة:

الأول: إن من القواعد المهمة في تفسير الشريعة الإسلامية أن النصوص الشرعية يفسر بعضها بعضًا، وإذا نظرنا إلى توسل عمر بالعباس نجد أننا أمام أحد معنيين إما أن يكون عمر توسل بجاه العباس ومكانته عند الله سبحانه كما فهمه أصحاب هذه الشبهة، وإما أن يكون أن المعنى أن عمر توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب وهو الاعتقاد الصحيح كما سيأتي، وبالنظر إلى ما جاءت به السنة من بيان طريقة توسل الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم فأي المعنيين أقرب حينما أجدبوا وقحطوا هل كانوا يدعون ويقولون: "اللهم بنبيك محمد وحرمته عندك ومكانته لديك أسقنا الغيث"، أم أنهم كانوا يطلبون منه الدعاء بنزول الغيث وزوال القحط؟ مما لا شك فيه أن المعنى الأول ليس له وجود إطلاقًا في السنة النبوية ولا في عمل الصحابة رضوان الله عليهم.وأما المعنى الثاني فكتب السنة مستفيضة به والأحاديث الواردة الثابتة كثيرة أيضًا فإنهم يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويطلبون منه أن يدعو لهم ومن ذلك ما جاء في الصحيحين من حديث أنس في قصة الأعرابي الذي قام وعرض على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الجمعة وقال: "يا رسول الله هلك المال وجاع العيال وانقطعت السبل فادع الله لنا" فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم فسُقوا، فلما كانت الجمعة الأخرى جاءه أعرابي وقال: "رسول الله، تهدم البناء وهلكت المواشي وغرق المال، فادع الله لنا" فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بإمساك السماء، ومن ذلك أيضًا ما جاء في السنن عن عائشة رضي الله عنها حيث قالت: شكا الناس إلى رسول الله قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يومًا يخرجون فيه" ثم دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم. فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن هدي الصحابة في توسلهم إنما هو طلب الدعاء لهم ويشهد لذلك أيضًا قول الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} [النساء من الآية:64].



الثاني: لقد فسرت بعض روايات الحديث الصحيحة كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه المذكور وقصده إذ نقلت دعاء العباس رضي الله عنه استجابة لأمر عمر رضي الله عنه، فمن ذلك ما نقله الحافظ العسقلاني رحمه الله في (الفتح) حيث قال: "قد بين الزبير بن بكار في (الأنساب) صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك، فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث" قال: فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس".قال الألباني: في هذا الحديث:

أولًا: التوسل بدعاء العباس رضي الله عنه لا بذاته كما بينه الزبير بن بكار وغيره، وفي هذا ردّ واضح على الذين يزعمون أن توسل عمر كان بذات العباس لا بدعائه، إذ لو كان الأمر كذلك لما كان ثمة حاجة ليقوم العباس فيدعو بعد عمر دعاء جديدًا.

ثانيًا: أن عمر صرَّح بأنهم كانوا يتوسلون بنبينا صلى الله عليه وسلم في حياته وأنه في هذه الحادثة توسل بعمه العباس، ومما لاشك فيه أن التوسلين من نوع واحد: توسلهم بالرسول صلى الله عليه وسلم وتوسلهم بالعباس وإذا تبين للقارئ -مما يأتي - أن توسلهم به صلى الله عليه وسلم إنما كان توسلًا بدعائه صلى الله عليه وسلم، فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما كان توسلًا بدعائه أيضًا بضرورة أن التوسلين من نوع واحد.
أما أن توسلهم به صلى الله عليه وسلم إنما كان توسلًا بدعائه فالدليل على ذلك صريح رواية الإسماعيلي في مستخرجه على الصحيح لهذا الحديث بلفظ: "كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا به فيستسقي لهم فيسقون فلما كان في إمارة عمر..." فذكر الحديث نقلته من (الفتح) [2/ 399] فقوله: "فيستسقي لهم" صريح في أنه صلى الله عليه وسلم كان يطلب لهم السقيا من الله تعالى، ففي (النهاية) لابن الأثير: "الاستسقاء استفعال من طلب السقيا أي إنزال الغيث على البلاد والعباد يقال: سقى الله عباده الغيث وأسقاهم، والاسم السقيا بالضم، واستسقيت فلانًا إذا طلبت منه أن يسقيك" إذا تبين هذا فقوله في هذه الرواية: "استسقوا به" أي بدعائه، وكذلك قوله في الرواية الأولى "كنا نتوسل إليك بنبينا" أي بدعائه فلا يمكن أن يفهم من مجموع رواية الحديث إلا هذا. ويؤيده:

ثالثًا: لو كان توسل عمر إنما هو بذات العباس أو جاهه عند الله تعالى لما ترك عمر التوسل به صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى لأن هذا ممكن لو كان مشروعًا، فعدول عمر عن هذا إلى التوسل بدعاء العباس رضي الله عنه أكبر دليل على أن عمر رضي الله عنه والصحابة الذين كانوا معه كانوا لا يرون التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم وعلى هذا جرى عمل السلف من بعدهم" أ. ه. (مسألة التوسل للشيخ الألباني بتصرف يسير).



وملخص الكلام أن الرد على هذه الشبهة من وجوه:

1- أن الثابت عن الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم حين يصيبهم القحط وتمسك السماء أن يذهبوا إليه صلى الله عليه وسلم و يطلبوا منه الدعاء، كما في الصحيحين من حديث أنس في قصة الأعرابي الذي دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فطلب منه الدعاء، وكذلك حديث عائشة عند أبي داود، فهم يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بجاهه، وكذلك هو المقصود بالتوسل بالعباس فإنه توسل بدعائه لا بجاهه لأن عمر ذكر في الحديث توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتوسلهم بالعباس، ومما لاشك فيه أن التوسلين من نوع واحد وإذا ثبت أن توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان بدعائه فلا بد أن يكون المقصود بتوسلهم بالعباس توسل بدعائه لا بجاهه ومكانته.

2- بينت الروايات الأخرى المقصود بتوسل عمر بالعباس حيث فسرت ذلك ونقلت دعاء العباس استجابة لعمر حين طلبه، مما يدل أنه طلب الدعاء منه كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر في (فتح الباري).

3- أن لفظ الحديث كما في قول أنس رضي الله عنه هو: "أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب..." ولفظ الاستسقاء يدل على طلب السقيا من الله فهذا يدل على أن المقصود به الدعاء.

4- لو كان توسل عمر إنما هو بذات العباس وجاهه لما ترك عمر التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى، وعدول عمر عن التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوسل بدعاء العباس دليل على أن عمر والصحابة لا يرون التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا جرى عمل السلف من بعدهم.قول المصنف: "يدعوهم ويسألهم الشفاعة".



المسألة السادسة: الشفاعة وما يتعلق بها:



الشفاعة لغة: اسم من شفع يشفع إذا جعل الشيء اثنين، والشفع ضد الوتر.
واصطلاحًا: التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة.

ومقصود المؤلف هنا الشفاعة المتعلقة بالآخرة: كطلب المغفرة والتجاوز عن الذنوب وهي على نوعين:

النوع الأول: الشفاعة الخاصة:


وهي التي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم وتكون كذلك لأناس معينين يشفع لهم، وهي ثلاثة أقسام:

الأولى: الشفاعة الكبرى:
وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك عندما يؤخر الله عز وجل محاسبة العباد فيأتي الناس إلى الأنبياء وكل واحد منهم يقول: (نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري) حتى تصل إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى جميع الأنبياء أزكى الصلاة وأتم التسليم، فيقوم فيشفع للناس عند ربه عز وجل.
ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه الطويل وساق فيه حال الناس وإتيانهم الأنبياء حتى يأتون محمدًا صلى الله عليه وسلم فيشفع لهم بعدما يقع ساجدًا تحت العرش.
وأيضًا روى ابن عمر رضي الله عنه: "أن الناس يصيرون يوم القيامة جُثًا، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود" رواه البخاري.

الثانية: الشفاعة لأهل الجنة في دخول الجنة:

ويدل على هذا: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أُمِرت لا أفتح لأحد قبلك» رواه مسلم.

الثالثة: شفاعة الرسول لعمه أبي طالب:

ويدل على هذا: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذُكر عنده عمه أبو طالب فقال: «لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه».
وفي رواية: «ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» متفق عليه، فالشفاعة له أن يخفف عنه العذاب لا أن يخرج من النار لأنه مات كافرًا.
النوع الثاني: الشفاعة العامة:


وهي تكون للرسول صلى الله عليه وسلم ولجميع المؤمنين، وهي خمسة أقسام:
الأولى: الشفاعة لأناس من أهل الإيمان قد استحقوا الجنة أن يزدادوا رفعة ودرجات في الجنة:
مثال ذلك: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا لأبي سلمة فقال: «اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين» رواه مسلم، وقد يستدل لهذه الشفاعة ما سيأتي في أدلة القسم الثاني.

الثانية: الشفاعة لأناس قد استحقوا النار في أن لا يدخلوها:
وقد يستدل لها بما جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه».

ووجه الدلالة: أن هذا الحديث عام يدخل فيه كل رجل صلّى عليه هذا العدد بهذه الصفة ويدخل في هذا العموم من استوجب النار فلم يدخلها لشفاعة هؤلاء المؤمنين.

الثالثة: الشفاعة لأناس قد دخلوا النار أن يخرجوا منها:
ويدل عليها ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقًا كثيرًا... فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط» رواه مسلم.

وأيضًا يستدل لها بحديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، فيدخلون الجنة يسّمون الجهنميين» رواه البخاري.

الرابعة: الشفاعة في قوم تساوت حسناتهم مع سيئاتهم حتى يدخلوا الجنة، وقد يستدل لهذه الشفاعة بحديث ابن عباس عند مسلم وسبق في الشفاعة الثانية.

الخامسة: الشفاعة في دخول من لا حساب عليهم الجنة من الباب الأيمن:
ويدل عليها: حديث أبي هريرة قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه -فذكر الحديث إلى أن قال-: «فيقال يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب» متفق عليه، وقيل أن هذه خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم.

فأصبح عدد الشفاعات جميعًا ثماني شفاعات.

والنوع الثاني من الشفاعة وهي الشفاعة العامة لها من شروط:
1- رضا الله عن المشفوع له.
ويدل عليه قوله تعالى:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ} [الأنبياء من الآية:28].

2- رضا الله عن الشافع.
ويدل عليه قوله تعالى: {إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّـهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ} [النجم من الآية:26].

3- إذن الله للشافع أن يشفع.
ويدل عليه قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة من الآية:255]. وأيضًا الآية السابقة.

4- أن لا يكون الشافع من اللعانين.
ويدل عليه: ما رواه مسلم عن أبي الدرداء مرفوعًا: «إن اللعانين لا يكونوا شفعاء ولا شهداء يوم القيامة» رواه مسلم.

ومقصود المؤلف في الشفاعة في هذا الناقض: أن الطلب من المخلوقين بعد وفاتهم أن يشفعوا عند الله وجعلهم واسطة بينهم وبين الله تعالى محرم وشرك، لما في ذلك من وصفهم بصفات الخالق سبحانه لأن من صفاته سبحانه أنه هو الحي الذي لا يموت.


المسألة السابعة: الأعمال الموجبة لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم:


- قول (لا اله إلا الله) خالصة من القلب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة قال: «ظننت أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: (لا اله إلا الله) خالصًا من قلبه» رواه البخاري.

- قول الذكر الوارد بعد الأذان:
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، إلا حلت له الشفاعة» رواه البخاري.

- الصبر على جدب المدينة ولأوائها:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يثبت أحد على لأواء المدينة وجدبها إلا كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة» رواه مسلم.

- الموت في المدينة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

يشفع النبيون والملائكة والشهداء والصالحون على قدر مراتبهم ومقاماتهم عند ربهم، فالشهيد مثلًا يشفع في سبعين من أهل بيته كما ورد عند أبي داود وابن حبان.



المسألة الثامنة: الشفاعة المتعلقة بالدنيا:


وهي التي بوسع العباد القيام بها كطلب مال أو نكاح أو أي منفعة.

قال الشوكاني: "وأما التشفع بالمخلوق، فلا خلاف بين المسلمين أنه يجوز كطلب الشفاعة من المخلوقين فيما يقدرون عليه من أمور الدنيا" (انظر (الدر النضيد)، ص[16]).

وهذه الشفاعة في أمور الدنيا سواءً سميت شفاعة أو (واسطة) كما هو المصطلح الشائع عند الناس اليوم فإنها لابد لها من شرطين:

الشرط الأول: أن تكون في شيء مباح:
ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ} [المائدة من الآية:2].
أما إذا كانت في شيء محرم فإن هذه الشفاعة لا تجوز لقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة من الآية:2].

مثال ذلك: كأن يشفع شخص لآخر وجب عليه حدّ من حدود الله أن لا يقام عليه الحد فيتوسط له عند القاضي أو السلطان، وفي الحديث عن عائشة: أن قريشًا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله؟ فكلم رسول الله فقال: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟»، ثم قام فخطب فقال: «يا أيها الناس إنما ضلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها» رواه البخاري.

الشرط الثاني: أن لا يكون فيها تعدّ وتجاوز وظلم لأناس آخرين.

فإذا تحقق الشرطان فالسنة أن يشفع الإنسان لأخيه لقوله صلى الله عليه وسلم: «اشفعوا فتؤجروا وليقض الله على لسان رسوله ما شاء» رواه البخاري.

أما إذا كانت الشفاعة الدنيوية فيها هضم لحقوق أناس آخرين وتعدّ عليهم فإن هذا من الظلم وتكون هذه الشفاعة محرمة، لعموم الأدلة التي تحذر من الظلم وهضم حقوق الآخرين وهي كثيرة مستقضية
نكمل لاحقا





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://9078.forumarabia.com
 
نواقض الاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدعوة إلى وحدة الأديان من نواقض الإسلام
» نعمة الاسلام
» كتاب اخلاق الاسلام
» لم تمنعه معصيته من نصرة الاسلام
» فصة نور كويتية اهتدت الى الاسلام بسبب سحر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احرار الاسلام  :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول :: الطريق الى الله :: القسم لاسلامي العام-
انتقل الى: