من أطلق بصره في سورة المسد يجد كثيرا من الرسائل والفوائد والبصائر التي تبني الإيمان في القلوب , وتعمق اليقين بالله تعالى, وتدك حصون الغرور والكبر في النفوس.
هذه السورة جاءت في ذم أبي لهب وزوجه أم جميل وهما اللذان نصبا نفسيهما لمعاداة النبي ورسالته فنزل القرآن ذاما لهما ومخبرا عن سوء عاقبتهما, فقطع ذم الله لهما كل شرف إلى يوم القيامة… فيا لخسارتهما!
وأي عبد أشقى من عبد ذمه ربه وفضحه في عاجلته قبل آجلته؟!
ومن تأمل وجد لذلك سرا عجيبا, وهو أنه لما عادى أبو لهب وزوجه وأعلن هذا وقاله في ملأ حين دعا النبي عشيرته إلى الاجتماع ثم نادى فيهم:”إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد” فقام أبو لهب وقال: تبا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟! فأنزل الله فيه السورة {تبت يدا أبي لهب وتب* ما أغنى عنه ماله وما كسب* سيصلى نارا ذات لهب* وامرأته حملة الحطب* في جيدها حبل من مسد}.
وكان أبو لهب -كما جاء في السير- يتبع النبي وهو يدعو الناس في الأسواق فيقول من ورائه :”لا تصدقوه فإنه صابئ كذاب” فيقول الناس : “أهلك أعلم بك لو كان خيرا لاتبعوك”. فيصرف الناس عن دين الله وأعلن العدواة للدين وأهله, فذمه الله وعابه على ملأ أيضا وقطع شرفه إلى يوم القيامة فما يذكر إلا بذم .
وهكذا كل من نصب نفسه لله ولرسوله ولدينه معاديا فإن الله يقطعه وينتقم منه ويري الناس آياته فيه ثم يتبعه لعنة وذما يلحقانه في دنياه وآخرته.
فالله سبحانه قال:{إنا شانئك هو الأبتر}فمن عادى الله ورسوله ذُمَ وإن كان سيدا في قومه, فما يغني عنه ذلك شيئا:{ما أغنى عنه ماله وما كسب}
والله تعالى يقول في الحديث القدسي: “من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب”
رواه البخاري
فهذا جزاء كل من تسول له نفسه أن يتصدى لحرب الدين وأن ينصب نفسه له معاديا ومتى ما رأيت رجلا أو امرأة فعل هذا فاعلم أنما يسير في طريق الهلاك واللعن.